فوات الوفيات - الكتبي - ج ١ - الصفحة ٣٨٨
* يحيط بها نهران تبرز فيهما * كما لاح يوما في قلائده النحر * * تخاض متون السحب فيها كأنها * إذا ما استدارت حول أبراجها نهر * * على هضب صم يكلم صخرها الحديد * وفيها عن إجابته وقر * * لها طرق كالوهم أعيا سلوكه * على الفكر حتى ما يخيله الفكر * * إذا خطرت فيها الرياح تعثرت * أو الذر يوما زل عن متنه الذر * * يضل القطا فيها ويخشى عقابها العقاب * ويهفو في مراقبها النسر * * فصبحتها بالجيش كالروض بهجة * صوارمه أنهاره والقنا الزهر * * وأبدعت بل كالبحر والبيض موجه * وجرد المذاكي السفن والخوذ الدر * * وأغربت بل كالليل عوج سيوفه * أهلته والنبل أنجمه الزهر * * وأخطأت لا بل كالنهار فشمسه * جيوشك والآصال راياتك الصفر * * ليوث من الأتراك آجامها القنا * لها كل يوم في ذرا ظفر ظفر * * فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها * عليهم ولا ينهل من فوقهم قطر * * يرى الموت معقودا بهدب نبالهم * إذا ما رماها القوس والنظر الشزر * * ففي كل سرج غصن بان مهفهف * وفي كل قوس مد ساعده بدر * * إذا صدموا صم الجبال تزلزلت * وأصبح سهلا تحت خيلهم الوعر * * ولو وردت ماء الفرات خيولهم * لقيل هنا قد كان فيما مضى نهر * * أداروا بها سورا فأضحت كخنصر * لدى خاتم أو تحت منطقة خصر * * وأجروا إليها من بحار أكفهم * سحاب ردى لم يخل من قطره قطر * * كأن المجانيق التي قمن حولها * رواعد سخط وبلها النار والصخر * * فأحرزتها بالسيف قهرا وهكذا * فتوحك فيما قد مضى كله قسر * * غدت بشعار الأشرف الملك الذي * له الأرض دار وهي من حسنها قصر * * وأضحت بحمد الله ثغرا ممنعا * تبيد الليالي والعدا وهو مفتر * * وكانت قذي في ناظر الدين فانجلي * وذخرا لأهل الشرك فانعكس الأمر *
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»