الرياح وأبت على الأطناب من إرسالها في عنان الجماح إلا أشبهت قطاة غرها شرك وقد علق الجناح وقداة هزها درك وقد أبت البراح وقد زادت السيول إلى أن صار هذه الخيام عليها فواقع وهمهم الرعد قاريا فاستقلت قيامها بين ساجد وراكع وأنا فيها كعثمان في داره والخطب قد أخذ في حصاره فلا يزال ويل الثبل مفرقا ولا أزال على نفسي من السيل مخندقا وقد رجعنا إلى النشأة الأولى فعدنا في هذا الماء علقا ولا كفران لله فإني ملقى على طرق الطوارق ملقى ما شاب العيش من فراق يشوب بالشيب المفارق وما كنت أخشى أن ينقلني الدهر من درجة مجانيه المقتطفة إلى مدرجة مجاريه المجتحفة ولن يرى أعجب مني ممحلا وأنا أشكو الغدران الغادرة ومجدبا أتظلم من ظلمات الليالي الماطرة وفتح الله بعرين وإن استجن منها أسد الإسلام بعرين وأنا بريء منها بعدد رمل بيرين ومنه من جملة كتاب ثم وردت في هذه الساعة على العيون عيون موسى في ساعة بكت لها عيون أم أحمد وفي هجير ما يوقد بالنار بل النار به توقد والجو يتنفس عن صدر مسجور كصدر مهجور والحر وصاليه في نحو هذه الطريق جار ومجرور والمهامه قد نشر فيها ملاء السراب وزخر فيها بحر ماء ولد لغير رشدة وعلى غير فرش السحاب وحر الرمل قد منع حث الرمل ونحن في أكثر من جموع صفين نخاف من العطش وقعة الجمل ووردنا ماء العيون وهو كما عيون المحابر يغترف المجرم منه مثل عمله ويرسله فلا يؤدي الأمانة إلى غلله وهو مع هذا قليل كأنه مما جادت به الآماق في ساحات النفاق لا في ساعات الفراق ولو لم يكن مما جادت ما كان ملحا طعمه نافذا في القلوب سهمه فيا لك من ماء لا تتميز أوصافه من التراب ولا يعدو ما وصف له أهل الجحيم في قوله تعالى وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب فنحن حوله كالعوائد حول المريض بل) الميت يجهز للدفن ونعشه المزاد ويحفر عليه ليقوم من قبره وذلك خلاف المعتاد وفي غير من قد وأدت الأرض فاطمع فما شئت من صارخ وصارخة وابن شمس وهو وإن لم يكن من مضر فإنه ابن طابخة وكلما عصفت الرياح تعاهدها منه نافخ وقابل صفحتها من صحائف الوجوه منسوخ وناسخ وكل لسانه كسبا به الفرق وإصبع الغرق قد جفت اللهوات من الأرياق وفدي بياض الماء بسواد الأحداق وسئلت الثماد عما عندها واقتدح الحفر زندها فلا حجر يبض ولا نقد ماء ينض إنما هي يد البخيل إذا سئلت وإنما المؤودة وبيننا قتلت فأما القلوب فقد أوقد لظى أنفاسها وسلط سلطان سوء الظن على وسواسها وخناسها ولا غرو فإن القلوب ما برحت تتبع العيون على عشقها وما برحت العيون تقودها إلى حتفها وهذه قلوبنا الآن منقادة لحكم هذه العيون منتظرة على يدها المنون إلا أن ماء قد كشف الغرب خبيئته وزعم أن الطير كان ربيئته والله ما عرفوه إلا الآن على أنه لو كان دمعا لما بل الأجفان أو مالا لما رفع كفة الميزان وإن امرءا روحه في جلد غيره وهو الماء
(٢١٥)