ومر عبد الله بن صفوان يوما بدار عبد الله بن عباس فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه ومر بدار عبيد الله بن العباس فرأى فيها جمعا يتناوبونها للطعام فدخل على ابن الزبير فقال له أصبحت والله كما قال الشاعر من البسيط * فإن تصبك من الأيام قارعة * لم نبك منك على دينا ولا دين * قال وما ذاك يا أعرج قال هذان ابنا العباس أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس فما أبقيا ذلك لك مكرمة فدعا عبد الله بن مطيع وقال له انطلق إلى ابني عباس فقل لهما يقول لكما أمير المؤمنين أخرجا عني أنتما ومن انضوى إليكما من أهل العراق وإلا فعلت وفعلت فقال عبد الله بن عباس والله ما يأتينا من الناس إلا رجلان رجل يطلب فقها ورجل يطلب فضلا فأي هذين نمنع وكان ابن عباس قد عمي آخر عمره وروي عنه أنه رأى رجلا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرفه فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال له أرأيته قال نعم قال ذاك جبريل عليه السلام أما إنك ستفتقد بصرك فعمي في آخر عمره فهو القائل فيما روي عنه من البسيط * إن يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وقلبي منهما نور * * قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل * وفي فمي صارم كالسيف مأثور * وروي أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس ويقال بل دخل قبره طائر أبيض فقيل إنه بصره بالتأويل وقيل جاء طائر أبيض فدخل نعشه حين حمل فما رئي خارجا منه وشهد عبد الله بن عباس الجمل وصفين والنهروان مع علي بن طالب حفيد وزير الرشيد عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع بن يونس كان الفضل وزير الرشيد هارون وحفيده هذا عبد الله كان موصوفا بالبراعة مليح الشعر والغناء قال إبراهيم الرقيق في كتاب الأغاني كان عبد الله يقول كنت أول من ضرب الكنكلة وهي طنبور بثلاثة أوتار قال فغنيت عليها بشعر الأعشي من المتقارب * أتاني يؤامرني في الصبو * ح ليلا فقلت له غادها *) فأخذته مني صبية كانت بحذاء الفضل فوهبها لإبراهيم الموصلي فغنته له فأخذه عنها
(١٢٣)