وتوهموا الشر فلما وقفوا على العادة حضروا وطغاي أمير آخور تنكز وكان في تلك الأيام قد ورد في البريد وخرج إليه قوصون من المرقد وقال له لأي شيء تخالف أستاذك) وهو ما رباك إلا لتنفعه ورماه وقتله بالعصي تقدير خمس عشرة عصا ثم شفع فيه وأقيم والناس كأنما على رؤوسهم الطير فخرج بعد ذلك قوصون وطلب طشتمر وقال له السلطان رسم لك بنيابة صفد فاستعفى وتضرع وطلب الإقالة فدخل وخرج غليه مرتين وفي الثالثة نقال له بس الأرض ولا تتكلم كلمة فباس الأرض وتوجه إلى بيته ثم إن السلطان جهز إليه شرف الدين النشو ناظر الخاص بمرسوم فيه إنعام ألف إردب ومائة ألف درهم وقال له هذا إنعام الزوادة قال لي النشو إني لما أعطيته المرسوم باسه ووضعه على رأسه ودعا للسلطان بغيظ وحرج وجعل يضع يده في ذقنه ويجذب منها شعرها يطلع في يده خمسة خمسة وعشرة عشرة قال فتوهمت الإيقاع بي فهممت بالقيام فال لي أريد أن تكون وكيلي على إقطاعي ومحاسبته وأملاكي وتعلقاتي فاستفعيت من ذلك وقلت يا خوند ما يهون ذلك على السلطان ولكن أحد من خوشداشيتك وأنا في خدمته فمت وما رأيت روحي برا بابه وفي عيني قطرة ولما كان في اليوم الثاني جهز إلي مبلغ خمسمائة دينار وقال هذه شكران المرسوم الذي أحضرته أمس قال فقلت والله ما آخذه والأمير في هذا الوقت يردي الزوادة فقال لا بد من أخذها أو تعرف السلطان بذلك فقلت هذا نعم فعرفت السلطان ما جرى فقال لا تأخذ منه شيئا وجهز إليه السلطان خيلا بسروجها وقماشها إنعاما وفي يوم الخميس أحضره في الإيوان بعد قيام الناس من الخدمة وأجلسه قدامه وقال له ما أجهزك إلى الشام إلا لتقضي لي هناك شغلا وأكب على رأسه يقبله وودعه وجهز معه طاجار الدوادار وقال بعدما توصله إلى صفد توجه إلى تنكز وقول له هذا خوشداشك الكبير وقد صار جارك فراعيه ولا تعامله معاملة من تقدم فما أقام بصفد إلا قليلا ومرض مرضة عظيمة اشرف منها على الهلاك وأمر بعمل قبر له في مغارة يعقوب عليه السلام وفرغ منه ثم إنه عوفي من ذلك فلما كان من أمر تنكز ما كان على ما شرح في ترجمته وأراد السلطان القبض عليه جهز إليه سيف الدين بهادر حلاوة الأوشاقي البريدي المصري يقول له توجه إلى دمشق خفية وأمسك تنكز فتوهم أن ذلك خداع وإنما هو الغرض في الإمساك وما أمكنه إلا الامتثال فقام من صفد الصبح لما أذن وساق حتى وصل إلى المزة بدمشق قبل الظهر في تقدير عشرين فارسا وهذا سوق عظيم لا يفعله غيره لأن صفد عن دمشق مسافة يومين وأكثر ثم إن الطريق وعر ولما وصل كان دواداره قد تقدم من أول الليل إلى الأمراء والحجاب بالملطفات
(٢٥٢)