الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٢ - الصفحة ١٦٣
* تمر على روض الحمى نفحاتها * فتهدي إلى الأزهار من نشرها قسطا * * وتنثر عقد الطل في وجناتها * فتظهر في لألاء أوجهنا بسطا * * وتطلع منه في الدجى أي أنجم * وتلبس عطف الغصن من سندس مرطا * * وتوقظ فوق الدوح ورق حمائم * جعلنا قلوب العاشقين لها لقطا * * هم نسبوا حزنا إليها وما دروا * وما أرسلت من جفنها أبدأ نقطا * * وكم تيمت صبا بلحن غريبه * رواه الهوى عنها وما عرفت ضبطا * * فيا ليت شعري هل بها ما بمهجتي * من الوجد أم لم ترع عهدا ولا شرطا * * وهل هي في دوحات كل خميلة * تغرد أو ناحت على فقدها السبطا * * ولو أنها قد تيمتها صبابة * لما طوقت جيدا ولا جاوزت شطا * * ولا عانقت غصنا بكف مخضب * ولا اتخذت من زهر أعطافه قرطا * * ولا لبست ثوبا يروق مدبجا * ولا نسيت عهد الهديل بذي الأرطى * * ولو ذكرت أيامنا بطويلع * لأجرت بدمعي مذ بدت لمتي شمطا * * وقد نفرت عني غرائب صبوتي * غرائب دهر جار في الحكم واشتطا * * وخط على فودي سطرا حروفه * رقمن بقلبي عارض الحتف مذ خطا * * ولكنه قد أودع الفكر حكمة * أفادته عرفانا فيا نعم ما أعطى * * تجارب أيام لها الغدر شيمة * فكم سترت فضلا وكم أظهرت غمطا * * وألبسه ثوبا من العلم معلما * بدا لذوي جهل فأورثهم سخطا * * إذا ما روت عنه البلاغة منطقا * يرى النجم في عليائه عنه منحطا * * وإن غاص في لج البيان يراعه * أرى جنة لا أثل فيها ولا خمطا * * بها حور عين لو رآها زهيرها * لصير خديه لأقدامها بسطا * * إذا ما تجلى للأفاضل حسنها * أدارت عليهم من لواحظها اسفنطا * * وتحجب عمن قد تردى بجهله * وأصبح جلباب الحيا عنه منعطا) * (ولا غرو أن لا يدرك الشمس ذو عمى * على قلبه مين الجهالة قد غطى * * صفات عرتها نسبة قرشية * إلى من سما مجدا وأكرم به رهطا * وشعره كثير إلى الغاية وهذا القدر أنموذج منه كاف وله مدائح كثيرة في النبي صلى الله عليه وسلم ولما توفي رحمه الله تعالى كنت بحلب فحصل لي ألم عظيم زائد إلى الغاية وكتبت إلى ولده الخطيب كمال الدين محمد وإلى غيره من الأصحاب مراثي كثيرة نظما ونثرا ثم جمعت ذلك وسميته ساجعات الغصن الرطيب في مراثي نجم الدين الخطيب ومما رثيته به قولي من البسيط
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»