الحميدي كان من العلماء بالأدب ومعاني الشعر وأقسام البلاغة وله حظ من ذلك بسق فيه ولم ير أحدا في البلاغة يجاريه وله كتاب حانوت العطار والتوابع والزوابع وكشف الدك وإيضاح الشك وسائر رسائله وكتبه نافعة الجد كثيرة الهزل توفي في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وأربع مائة بعلة ضيق النفس والنفخ قال ابن ماكولا يقال إنه جاحظ الأندلس ولم يعقب أبو عامر وانقرض عقب الوزير أبيه بموته وكان جوادا لا يمسك شيئا ولا يأسى على فائت عزيز النفس مائلا إلى الهزل وكان له في علم الطب نصيب وافر ومن شعره * وما ألان قناتي غمز حادثة * ولا استخف محلي قط إنسان * * أمضي على القوم قدما لا ينهنهني * وأنثني لسفيهي وهو حردان * * ولا أقارض جهالا بجهلهم * والأمر أمري والأعوان أعوان * * أهيب بالصبر والشحناء ثائرة * وأكظم الغيظ والأحقاد نيران * ومنه أيضا * ألمت بالحب حتى لو دنا أجلي * لما وجدت لطعم الموت من ألم * * وذادني كرمي عمن ولهت به * ويلي من الحب أو ويلي من الكرم * ومنه أيضا * ولما تملأ من سكره * ونام ونامت عيون العسس * * دنوت إليه على بعده * دنو الرفيق درما ما التمس * * أدب إليه دبيب الكرى * وأسمو إليه سمو النفس * * وبت به ليلتي ناعما * إلى أن تبسم ثغر الغلس * * أقبل منه بياض الطلى * وأرشف منه سواد اللعس * قلت قوله أسموا إليه سمو النفس هذا المعنى مشهور لامرئ القيس لأنه قال * سموت إليها بعدما نام أهلها * سمو حباب الماء حالا على حال * وقال وضاح اليمن) * واسقط علينا كسقوط الندى * ليلة لا ناه ولا آمر *
(٩٧)