الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٣
محمد لجماعته لا مقام لنا بمراكش مع ابن وهيب فتوجهوا إلى اغمات واجتمعوا بعبد الحق بن إبراهيم من فقهاء المصامدة وحكوا له ما جرى فقال هذا الموضع لا يحميكم وإن أحصن هذه المواضع تين مل فانقطعوا فيه برهة فلما سمع محمد هذا الاسم تجدد له ذكره فيما كان اطلع عليه فقصدوا المكان وأكرمهم أهله وأنزلوهم أكرم نزل وسأل الملك عنهم بعد ذلك فقيل له سافروا فسر بذلك وتسامع أهل الجبل بهم وقصدوهم من كل فج عميق يلتموسن بكرة محمد دعاءه فكان كل من استدناه عرض عليه ما في نفسه فإن أجابه أضافه إلى خواصه وإن أبي أعرض عنه وكان أصحاب العقول ينهون من يميل إليه خوفا من السلطان فطال الأمر على) محمد وخاف من حلول المنية ورأى بعض أولاد القوم شقرا زرقا وألوان آبايهم إلى السمرة والكحل فسألهم عن ذلك فأجابوه بعد جهد إنه علينا خراج للملك فإذا جاء مماليكه نزلوا بيوتنا وأخرجونا عنها ويخلون بمن فيها من السناء فقال لهم والله إن الموت خير من هذه الحياة كيف حالكم مع ناصر يقوم بدفع هذا عنكم قالوا نقدم نفوسنا له من الموت ومن هو قال ضيفكم يعني نفسه وكانوا يغالون في تعظيمه فأخذ عليهم العهود والمواثيق وقال ضيفكم يعني نفسه وكانوا يغالون في تعظيمه فأخذ عليهم العهود والمواثيق وقال استعدوا لحضورهم بالسلاح وغذا جاءوا أجروهم عل عادتهم وميلوا عليهم بالخمر فإذا سكروا ادنوني منهم فلما حضروا فعل بهم ذلك وأعلموه بأمرهم ليلا فأمر بقتلهم فأتوا على آخرهم ونجا منهم واحد وكان خارج الدار فهرب ولحق بمراكش وأخبر الملك فندم على فوات محمد وعلم أن الحزم كان ما رآه ابن وهيب فجهز عسكرا إلى وادي تين مل وعلم محمد أن العسكر يحضر إليهم فأمرهم بالقعود عل نقاب الوادي ومراصده واستنجد لهم المجاورين فلما وصل العسكر أقبلت الحجارة عليهم مثل المطر من جانبي الوادي ولم يزالوا كذلك إلى أن حان الليل بينهم فرجع العسكر إلى الملك فعلم أنه لا طاقة له بأهل الجبل فأعرض عنهم وتحقق ذلك محمد وصفت له مودة أهل الجبل فأمر الونشريشي وقال أظهر فضايلك وفصاحتك دفعة واحدة فلما صلوا الصبح قال رأيت البارحة في نومي ملكين قد نزلا من السماء وشقا بطني وغسلاه وحشياه علما وحكمه وقرآنا فانقاد له كل صعب القياد وعجبوا من حاله وحفظه القرآن فقال له محمد عجل لنا البشرى في أنفسنا وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء فقال أما أنت فإنك المهدي القايم بأمر الله ومن تعبك سعد ومن خالفك شقي ثم قال أعرض أصحابك حتى أميز أهل الجنة من أهل النار فقتل من خالف أمر محمد وأبقي من أطاعه وعلم أن الذين قتلوا لا يطيب قلوب أهلهم فبشرهم بقتال الملك وغنيمة أمواله فسروا بذلك ولم يزل محمد يسعى ويدبر الأمر إلى أن جهز عشرة آلاف فارس وراجل وفيهم عبد المؤمن والونشريشي واقام هوبالجبل وأقاموا على حصار مراكش شهرا ثم أنهم كسروا كسرة شنيعة وهرب من سلم من القتل وكان فيمن سلم عبد المؤمن وقتل الونشريشي فبلغ الخبر محمدا وهو بالجبل وحضرته الوفاة فأوصى من حضر أن يبلغ الغايبين أن العاقبة لهم حميدة والنصر لهم فلا يضجروا وليعاودوا القتال وأنتم في مبدأ أمر وهم في أواخره وأطنب في الوصية من هذه المادة ثم إنه توفي سنة أربع) وعشرين
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»