الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٢
قيل إنه رأى في الصعيد أو بمصر أو القاهرة سب الصحابة على بعض المساجد مكتوبا فقال ما هذه دار سلام وأنشد * ذرني وأشياء في نفسي مخبأة * لألبسن لها درعا وجلبابا * * والله لو ظفرت كفي ببغيتها * ما كنت عن ضرب أعناق الورى آبى * * حتى أطهر هذا الدين من نجس * وأوجب الحق للسادات إيجابا * * وأملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت * جورا وأفتح للخيرات أبوابا * ولما ركب من إسكندرية في البحر متوجها إلى بلاد أخذ ينكر على أهل السفينة ويلزمهم بالصلاة والتلاوة ووصل إلى المهدية وصاحبها يحيى بن تميم الصهناجي وقرأوا عليه كتبا في الأصول وكسر أواني الخمور ثم نزح إلى بجاية فأخرج منها إلى قرية يقال لها ملالة فوجد بها عبد المؤمن بن علي القيسي يقال إن ابن تومرت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن وهو رجل يظهر بالمغرب الأقصى من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضع من الغرب يسمى ت ى ن م ل ويجاوز وقته الماية الخامسة فألقي في ذهنه أنه هو فلما رآه قال له ما اسمك قال عبد المؤمن فقال الله أكبر أنت بغيتي فأين) مقصدك قال الشرق لطلب العلم قال قد وجدت علما وشرفا اصحبني تنله فوافقه فألقى إليه محمد أمره وأودعه سره وكان محمد صحب عبد الله الونشريشي بفتح الواو وسكون النون وفتح الشين المعجمة وبعدها راء مكسورة وياء آخر الحروف ساكة وشين أخرى وهي من أعمال إفريقية ففاضوه فيما عزم عليه فوافقه أتم موافقة وكان الونشريشي فاضلا أيضا فصحيا وتفاوضا في ذلك فقال له محمد أرى أن تكتم ما أنت عليه من العلم والفصاحة وتظهر العي والعجز واللكن ففعل ذلك ثم إن محمدا استدنى من المغاربة أشخاصا أغمارا أجلادا وكانوا ستى وسار بهم لي أقصى المغرب ثم بعد ذلك اجتمع بعبد المؤمن وتوجهوا إلى مراكش وصاحبها علي بن يوسف بن تاشفين وبحضرته رجل يقال له مالك بن وهيب الأندلسي وكان عالما صالحا فشرع في الإنكار ابن تومرت على عادته وأنكر على ابنة الملك وقصته معها يطول شرحها فبلغ خبره الملك وأنه يتحدث تغيير الدولة فتحدث مع ابن وهيب فقال أرى أن تحضره وأصحابه ونسمع كلامه بحضور العلماء وكانوا مقيمين في مسجد خراب خارج البلد فلما حضروا سأله محمد بن أسود قاضي المرية وقال ما الذي يذكر عنك في حق هذا الملك العادل المنقاد إل الحق فقال محمد الذي نقل عني قلته ولي من روائه أقوال فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع جهرا والخنازير تمشي بين المسلمين وأموال اليتامى تؤخذ وعد من ذلك شيئا كثيرا فلما سمعه الملك ذرفت عيناه فلم يكلمه أحد منهم فقال له ابن وهيب أخاف عليك من هذا وأرى اعتقاله مع أصحابه وينفق كل يوم عليهم دينار لتكفي شره وإن لم تفعل هذا أنفقت خزاينك عليه فقال وزيره يقبح عليك أن تبكي من موعظته وتسيء إليه في مجلس واحد ويهظر منك الخوف وهو فقير فصرفه وسأله الدعاء ولما خرجوا قال
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»