تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٥٣
4 (سنة ثمان عشرة وستمائة)) 4 (الحرب بين جلال الدين وجنكزخان)) فيها التقى السلطان جلال الدين ابن خوارزم شاه هو وتولي خان مقدم التتار، فكسرهم جلال الدين وركب أكتافهم قتلا بالسيف، وقتل مقدمهم تولي خان بن جنكزخان، وأسر خلقا من التتار.
فلما وصل الخبر إلى جنكزخان قامت قيامته ولم يقر له قرار دون أن جمع التتار، وسار يجد السير إلى حافة السند.
وكان جلال الدين قد انثنى عنه أخوه وجماعة من العسكر فضاق عليه الوقت في استرجاعهم لقرب التتار منه، فركب في شوال سنة ثمان عشرة فالتقى الجمعان، وثبت السلطان جلال الدين في شرذمة، ثم حمل بنفسه على قلب جنكزخان فمزقه، وولى جنكزخان منهزما وكادت الدائرة تدور عليه لولا أنه أفرد كمينا قبل المصاف نحو عشرة آلاف، فخرجوا على ميمنة السلطان وعليها أمين ملك، فانكسرت وأسر ابن جلال الدين، فتبدد نظامه، وتقهقر إلى حافة السند، فرأى والدته ونساءه يصحن: بالله اقتلنا وخلصنا من الأسر. فأمر بهن فغرقن. وهذه من عجائب المصائب، نسأل الله حسن العواقب.
فلما سدت دونه المهارب وأحاطت به النوائب، فالسيوف وراءه، والبحر أمامه، فرفس فرسه في الماء على أنه يموت غريقا فعبر به فرسه ذلك النهر العظيم لطفا من الله به، وتخلص إلى تلك الجهة زهاء أربعة آلاف رجل من أصحابه حفاة عراة. ثم وصل إليه مركب من بعض الجهات وفيه مأكول وملبوس، فوقع ذلك منه بموقع. فلما علم صاحب الجودي أن جلال الدين وصل إلى بلاده طلبه بالفارس والراجل، فبلغ ذلك جلال الدين، فعظم عليه، لأن معه أصحابه مجرحين وضعفاء، فانجفل من مكانه، وأمر من معه من أصحابه أن كل جريح يقدر على الحركة فليصحبه، وإلا فليحز رأسه. وسار عازم على أن يقطع نهر
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»