رماة البندق؟ قال نعم. فقبل المعظم قدمه. ونال الأشرف، فخرج المعظم يصيح: الرحيل إلى دمياط، وساق إلى دمشق، وتبعه العساكر، انتبه الأشرف فدخل الحمام، فلم ير حول مخيمه أحدا، فأخبروه فسكت، ثم سار فنزل القصير، فأقام أياما ثم عرض العساكر هو وأخوه، وجلسا في الطيارة، والناس يدعون لهما بالنصر.
وأما فرنج دمياط فإنهم خرجوا بالفارس والراجل، وكان البحر زائدا جدا، فجاءوا إلى ترعة فأرسوا عليها، وفتح المسلمون عليهم الترع من كل مكان، وأحدقت بهم عساكر الكامل، فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء أصطول المسلمين فأخذوا مراكبهم، ومنعوا عنهم الميرة من دمياط، وكانوا خلقا عظيما، وانقطعت أخبارهم عن دمياط، وكان فيها مائة كند، وثمانمائة من الخيالة، صاحب عكا، ومن الرجالة ما لا يحصى. فلما عاينوا الهلاك أرسلوا إلى الكامل يطلبون الصلح ويسلمون إليه دمياط، فأجابهم، ولو طول روحه يومين لأخذ برقابهم. فبعث إليهم ولده نجم الدين أيوب وابن أخيه شمس الملوك، وجاءت ملوكهم إلى الكامل فتلقاهم وأنعم عليهم، فوصل إليه المعظم والأشرف بالجيوش في تلك الحال في رجب، فعمل الكامل سماطا عظيما، وأحضر ملوك الفرنج، ووقف في خدمته الأخوان والأمراء، وكان يوما مشهودا. وقام راجح الحلي الشاعر فأنشد قطعة مليحة منها:
* ونادى لسان الكون في الأرض رافعا * عقيرته في الخافقين ومنشدا * * أعباد عيسى، إن عيسى وحزبه * وموسى جميعا ينصران محمدا * وأشار إلى الأخوة الثلاثة.