تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٥٠
فلا ينتهي العاد إلى حد إلا والحال توجب أضعافه، ولا يقال: كم قتل من بلد كذا وإنما يقال: كم بقي واجتمعت بتاجر سروج كان يترجم لهم، قال: اجتمع التجار في جميع البلاد إلى نيسابور يتحصنون بها، فنزل عليها التتر فأخذوها في أربعة وعشرين يوما، وأتوا على أهلها بالقتل،) وعليها بالإحراق والخراب حتى غادروها كأن لم تغن بالأمس. وهربت منهم مرات وأقع في الأسر. ثم هرب في المرة الأخيرة وتعلق بجبل، فلما رحلوا طالبين هراة، قال: نزلنا وكنا سبعة، فأحصينا القتلى خمسمائة ألف وخمسين ألفا، ووجدنا الأموال ملقاة، وجزنا ببلاد الملاحدة وهي على عمارتها لم يتشعث منها شيء.
وحكى لنا تاجر آخر واسطي قال: إنه اختفى بجبل وخرج بعد أيام، فرأى الأرض مسطوحة بالتقلى والأموال والمواشي، وكنت أنا وعشرة سلمنا، ولو كانت معنا عقولنا لأخذنا من الأموال ما يفوت الآمال، وإنما أخذنا حمل دقيق على جمل.
قال الموفق: ومما أهلكوه بلاد فرغانة وهي سبع ممالك، مسيرة أربعة أشهر، وكل من هرب منهم تحيلوا في قتله بكل ممكن، وإذا اجتمعوا في مجالس أنسهم ونزهة قلوبهم أحضروا قوما من الأسارى، وأخذوا يمثلون بواحد، واحد، بأن يقطعوا منه عضوا بعد عضو، وكلما اضطرب وصاح تضاحكوا وأعجبوا، وربما حطوا السيف في جوفه أو ليته قليلا، ومتى التمس الشخص رحمتهم ازدادوا قساوة. وإذا وقع لهم نساء فائقات في الحسن تمتعوا بهن أياما ثم قتلوهن.
وحكت لي امرأة بحلب أنهم ذبحوا ولدها وشربوا الدم، ثم نام الذابح فقامت فذبحته، وهربت هي وزوجها.
وقد كان السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش سارقا هجاما، وكان عسكره أوشابا، ليس لهم ديوان ولا إقطاع، وأكثرهم أتراك كفار أو مسلمون جهال، لا
(٥٠)
مفاتيح البحث: القتل (4)، النوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»