تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٥٦
ثم قال يحيى بن معين: ما كان يحدث يقول: لست موضع ذلك.
وقال الصولي: وكان أحمد بن نصر من أهل الحديث، وكان هو وسهل بن سلامة حين كان) المأمون بخراسان بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أن قدم المأمون بغداد، فرفق بسهل حتى لبس السواد، وأخذ الأرزاق، ولزم أحمد بيته. ثم إن أمره تحرك ببغداد في آخر أيام الواثق، واجتمع إليه خلق يأمرون بالمعروف، إلى أن ملكوا بغداد. وتعدى رجلين من أصحابه موسرين، فبذلا مالا وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين، فنم الخبر إلى إسحاق بن إبراهيم، فأخذ جماعة منهم، فيهم أحمد بن نصر وصاحباه، فقيدهما.
ووجد في منزل أحدهما أعلاما. وضرب خادما لأحمد، فأقر أن هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلا فيعرفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيدين إلى سامراء فجلس لهم الواثق، وقال لأحمد: دع ما أخذت له. أتقول في القرآن قال: كلام الله. قال: أمخلوق هو قال: كلام الله قال: أفترى ربك في القيامة قال: كذا جاءت الرواية. قال: ويحك يرى كما يرى المحدود المتجسم، ويحويه مكان، ويحصره الناظر أنا كفرت برب هذه صفته، ما تقولون فيه فقال عبد الرحمن بن إسحاق، وكان قاضيا على الجانب الغربي، فعزل: هو حلال الدم. وقال جماعة من الفقهاء كقوله، فأظهر ابن أبي دؤآد أنه كان كاره لقتله، وقال: يا أمير المؤمنين شيخ مختل، لعل به عاهة، أو تغير عقله، يؤخر أمره ويستتاب. فقال الواثق: ما أراه إلا مؤديا لكفره، قائما بما يعتقده منه. ثم دعا بالصمصامة وقال: إذا قمت إليه لا يقومن أحد معي، فإني احتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد ربا لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»