في رابع ذي القعدة من سنة إحدى وسبعين وعليها وثب جماعة من الإسماعيلية على صلاح الدين فنجاه الله سبحانه منهم وظفره بهم وأقام عليها حتى أخذها في رابع عشر ذي الحجة من السنة ثم سار فنزل على حلب في سادس عشر الشهر المذكور وأقام عليها مدة ثم رحل عنها وكانوا قد أخرجوا له ابنة صغيرة لنور الدين سألته عزاز فوهبها لها ثم عاد صلاح الدين إلى مصر ليتفقد أحوالها وكان مسيره إليها في شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وسبعين وكان أخوه شمس الدولة توران شاه قد وصل إليه من اليمن فاستخلفه بدمشق ثم تأهب للغزاة وخرج يطلب الساحل حتى وافى الفرنج على الرملة وذلك في أوائل جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وكانت الكسرة على المسلمين في ذلك اليوم قلت وذلك لأمر يطول شرحه قال فلما انهزموا لم يكن لهم حصن قريب يأوون إليه فطلبوا جهة الديار المصرية وضلوا في الطريق وتبددوا وأسر منهم جماعة منهم الفقيه عيسى الهكاري وكان ذلك وهنا عظيما جبره الله تعالى بوقعة حطين المشهورة وأما الملك الصالح صاحب حلب فإنه تخبط أمره وقبض على كمشتكين صاحب دولته وطلب منه تسليم حارم إليه فلم يفعل فقتله فلما سمع الفرنج بقتله نزلوا على حارم طمعا فيها وذلك في جمادى الآخرة من السنة فلما رأى أهل قلعتها الخطر من جهة الفرنج سلموها إلى الملك الصالح في العشر الأواخر من شهر رمضان من السنة فرحل الفرنج عنها واقام صلاح الدين بمصر حتى لم شعثه وشعث أصحابه من اثر كسرة الرملة ثم بلغه تخبط الشام فعزم على العود إليه واهتم بالغزاة فوصله رسول قليج أرسلان صاحب الروم يلتمس الصلح ويتضرر من الأرمن فعزم على قصد بلاد ابن لاون قلت وهي بلاد سيس الفاصلة بين حلب والروم من جهة الساحل قال لينصر قليج أرسلان عليه فتوجه إليه واستدعى عسكر حلب لأنه كان في الصلح أنه متى استدعاه حضر إليه ودخل بلد ابن لاون واخذ في طريقه حصنا واخربه ورغبوا إليه في الصلح فصالحهم ورجع عنهم ثم سأله قليج أرسلان في صلح الشرقيين بأسرهم فأجاب إلى
(١٦٨)