قال وبينا هو يحدثني إذ قضى نحبه فغسلته وكفنته ودفنته ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمسمائة دينار وأتيت إلى دجلة لأعبرها وإذا بملاح في سفينة عتيقة وعليه ثياب رثة فقال معي معي فنزلت معه وإذا به من أكثر الناس شبها بذلك الرجل فقلت من أين أنت فقال من الرصافة ولي بنات وأنا صعلوك قلت فما لك أحد قال لا كان لي أخ ولي عنه زمان ما أدري ما فعل الله به قال فقلت ابسط حجرك فبسطه فصببت المال فيه فبهت فحدثته الحديث فسألني أن آخذ نصفه فقلت لا والله ولا حبة ثم صعدت إلى دار الخليفة وكتبت رقعة فخرج عليها إشراف المخزن ثم تدرجت إلى الوزارة وقال جدي الشيخ أبو الفرج في كتاب المنتظم وكان الوزير يسأل الله تعالى الشهادة ويتعرض لأسبابها وكان صحيحا يوم السبت ثاني عشر جمادى الأولى من سنة ستين وخمسمائة فنام ليلة الأحد في عافية فلما كان في وقت السحر قاء فأحضر طبيبا كان يخدمه فسقاه شيئا فيقال إنه سمه فمات وسقي الطبيب بعده بنحو ستة أشهر سما فكان يقول سقيت كما سقيت ومات الطبيب وقال في المنتظم أيضا وكنت ليلة مات الوزير نائما على سطح مع أصحابي فرأيت في المنام كأني في دار الوزير وهو جالس فدخل رجل بيده حربة قصيرة فضربه بها بين أنثييه فخرج الدم كالفوارة فضرب الحائط فالتفت فإذا بخاتم من ذهب ملقى فأخذته وقلت لمن أعطيه أنتظر خادما يخرج فأعطيه إياه وانتبهت وحدثت أصحابي بالرؤيا فلم أستتم الحديث حتى جاء رجل فقال مات الوزير فقال بعض الحاضرين هذا محال أنا فارقته أمس العصر وهو في كل عافية وجاء آخر وصح الحديث وقال لي ولده لا بد أن تغسله فأخذت في غسله ورفعت يده لأغسل مغابنه قلت
(٢٤٠)