فتذاكرنا وجرى ذكر البيتين وقال إنهما لعماد الدين أبي المناقب حسام ابن عزى بن يونس المحلي نزيل دمشق وذكر أنه سمعهما منه وادعاهما لنفسه فقلت له البيت الذي فيه المعنى ليس له بل هو ليحيى بن نزار المنبجي ويكون العماد المحلي قد نظم البيت الأول وجعله توطئة للثاني واستعمله على وجه التضمين كما جرت العادة في مثله لكنه كان ينبغي أن ينبه على أنه تضمين كي لا يعتقد من يقف عليهما أنهما له فإن البيت الأول ليس في جملة أبيات يحيى المنبجي التي مدح بها نور الدين رحمه الله تعالى ثم من بعد ذلك خطرت لي مؤاخذة على العماد المحلي فإنه قال في بيته الذي جعله توطئة للثاني (ما البلد المخصب كالماحل *) والخصب والمحل إنما يكون بسبب النبات وعدمه والبيت الثاني الذي هو التضمين شبه العذار بالعنبر وأين النبات من العنبر فالتوطئة بين البيتين ليست بملائمة وهذه المؤاخذة مثل المؤاخذة المتقدمة على الأبيات الثلاثة وكنت وقفت على بيتين للعماد المحلي المذكور أيضا أنشدنيهما عنه جماعة وهما (قيل لي من هويت قد عبث الشعر * بخديه قلت ما ذاك عاره) (جمرة الخد أحرقت عنبر الخال * فمن ذلك الدخان عذاره) وسنح لي عليهما مؤاخذة مثل المؤاخذة المذكورة وهي أنه لما قيل له إن الشعر عبث بخديه ما أنكر ذلك بل قال ما ذاك عاره فقد وافق على أنه شعر غاية ما في الباب أنه قال هذا الشعر ما هو عاره فكيف يقول بعد هذا جمرة الخد أحرقت عنبر الخال إلى آخره فجعل العذار دخان العنبر وأين دخان العنبر من الشعر بل كان ينبغي أن يقول لهم هذا ما هو شعر بل هو دخان العنبر حتى يتم له المعنى وقد نظم صاحبنا ورفيقنا في الاشتغال بحلب عون الدين أبو الربيع سليمان ابن بهاء الدين عبد المجيد ابن العجمي الحلبي بيتين ألم فيهما بهذا المعنى وهما
(٢٥١)