وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٢٢
قال صالح بن الأصبغ التنوخي المنبجي رأيت البحتري ها هنا عندنا قبل أن يخرج إلى العراق يجتاز بنا في الجامع من هذا الباب وأومأ إلى جنبي المسجد يمدح أصحاب البصل والباذنجان وينشد الشعر في ذهابه ومجيئه ثم كان منه ما كان وعلوة التي شبب بها في كثير من أشعاره هي بنت زريقة الحلبية وزريقة أمها وحكى أبو بكر الصولي في كتابه الذي وضعه في أخبار أبي تمام الطائي أن البحتري كان يقول أول أمري في الشعر ونباهتي فيه أني صرت إلى أبي تمام وهو بحمص فعرضت عليه شعري وكان يجلس فلا يبقى شاعر إلا قصده وعرض عليه شعره فلما سمع شعري أقبل علي وترك سائر الناس فلما تفرقوا قال لي أنت أشعر من أنشدني فكيف حالك فشكوت خلة فكتب إلى أهل معرة النعمان وشهد لي بالحذق وشفع لي إليهم وقال لي امتدحهم فصرت إليهم فأكرموني بكتابه ووظفوا لي أربعة آلاف درهم فكانت أول مال أصبته وقال أبو عبادة المذكور أول ما رأيت أبا تمام وما كنت رأيته قبلها أني دخلت إلى أبي سعيد محمد بن يوسف فامتدحته بقصيدتي التي أولها (أأفاق صب من هوى فأفيقا * أم خان عهدا أم أطاع شفيقا) فأنشدته إياها فلما أتممتها سر بها وقال لي أحسن الله إليك يا فتى فقال له رجل في المجلس هذا أعزك الله شعري علقه هذا الفتى فسبقني به إليك فتغير أبو سعيد وقال لي يا فتى قد كان في نسبك وقرابتك ما يكفيك أن تمت به إلينا ولا تحمل نفسك على هذا فقلت هذا شعري أعزك
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»