(وكنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا) (وعشنا بخير في الحياة وقبلنا * أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا) (فلما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت ليلة معا) (296) وقد يتشوف الواقف على هذا الكتاب إلى الوقوف على شيء من أخبار جذيمة المذكور ونديميه وهو بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الميم وبعدها هاء ساكنة وكنيته أبو مالك جذيمة بن مالك بن فهم بن دوس بن الأزد الأزدي صاحب الحيرة وما والاها وهو الأبرش والوضاح وإنما قيل له ذلك لأنه كان أبرص فكانت العرب تهابه أن تنسبه إلى البرص فعرفته بأحد هذين الوصفين وهو من ملوك الطوائف وكان بعد عيسى عليه السلام بثلاثين سنة وكان من تيهه لا ينادم إلا الفرقدين وكان له ابن أخت يقال له عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث ابن مالك اللخمي ويقال له عمم لأنه أول من اعتم ابن نمارة بن لخم وبقية النسب معروف واسم الأخت المذكورة رقاش وكان جذيمة شديد المحبة له فاستهوته الجن وأقام زمانا يتطلبه فلم يجده فأقبل رجلان من بني القين يقال لأحدهما مالك والآخر عقيل ابنا فارح بن مالك بن كعب بن القين واسمه النعمان بن جسر بن شيع الله بن أسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وسمي القين بعبد كان له فحضنه فاشتهر به فصادفا عمرا في البرية وهو أشعث الرأس طويل الأظفار سئ الحال فعرفاه وحملاه إلى خاله جذيمة بعد أن لما شعثه وأصلحا حاله فقال لهما جذيمة من فرط سروره به احتكما علي فقالا منادمتك ما بقيت وبقينا فقال ذلك لكما فهما نديماه اللذان يضرب بهما المثل ويقال إنهما نادماه أربعين سنة لم يعيدا عليه حديثا حدثاه به وإياهما عنى أبو خراش الهذلي بقوله في مرثية أخيه عروة (تقول أراه بعد عروة لاهيا * وذلك رزء لو علمت جليل)
(١٨)