أشهر أصحابه وأخصهم به ولما عزم الفراء على الاتصال بالمأمون كان يتردد إلى الباب فبينما هو ذات يوم على الباب إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النميري المعتزلي وكان خصيصا بالمأمون قال ثمامة فرأيت أبهة أديب فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا وفاتشته عن النحو فشاهدته نسيج وحده وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم وبالنجوم ماهرا وبالطب خبيرا وبأيام العرب وأشعارها حاذقا فقلت له من تكون وما أظنك إلا الفراء فقال أنا هو فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به وقال قطرب دخل الفراء على الرشيد فتكلم بكلام لحن فيه مرات فقال جعفر بن يحيى البرمكي إنه قد لحن يا أمير المؤمنين فقال الرشيد للفراء أتلحن فقال الفراء يا أمير المؤمنين إن طباع أهل البدو الإعراب وطباع أهل الحضر اللحن فإذا تحفظت لم ألحن وإذا رجعت إلى الطبع لحنت فاستحسن الرشيد قوله وقال الخطيب في تاريخ بغداد إن الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية وأمر أن يفرد في حجرة من حجر الدار ووكل به جواري وخدما يقمن بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف نفسه إلى شيء حتى إنهم كانوا يؤذونه بأوقات الصلوات وصير له الوراقين وألزمه الأمناء والمنفقين فكان يملي والوراقون يكتبون حتى صنف الحدود في سنتين وأمر المأمون بكتبه في الخزائن فبعد أن
(١٧٧)