قليل الكلام كثير الخير مفيدا أقام بدمشق مدة واستوطن الموصل ورحل عنها إلى أصبهان ثم عاد إلى الموصل وأخذ عنه شيوخ ذلك العصر وذكره الحافظ ابن السمعاني في كتاب الذيل وقال إنه اجتمع به بدمشق وسمع منه مشيخة أبي عبد الله الرازي وانتخب عليه أجزاء وسأله عن مولده فقال ولدت في سنة ست وثمانين وأربعمائة بمدينة قرطبة من ديار الأندلس ورأيت في بعض الكتب أن مولده سنة سبع وثمانين والأول أصح وكان شيخنا القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم المعروف بابن شداد قاضي حلب رحمه الله تعالى يفتخر برؤيته وقراءته عليه وسيأتي ذلك في ترجمته إن شاء الله تعالى وقال كنا نقرأ عليه بالموصل ونأخذ عنه وكنا نرى رجلا يأتي إليه كل يوم فيسلم عليه وهو قائم ثم يمد يده إلى الشيخ بشيء ملفوف فيأخذه الشيخ من يده ولا نعلم ما هو ويتركه ذلك الرجل ويذهب ثم تقفينا ذلك فعلمنا أنها دجاجة مسموطة كانت برسم الشيخ في كل يوم يبتاعها له ذلك الرجل ويسمطها ويحضرها وإذا دخل الشيخ إلى منزله تولى طبخها بيده وذكر في كتابه الذي سماه دلائل الأحكام أنه لازم القراءة عليه إحدى عشرة سنة آخرها سنة سبع وستين وخمسمائة وكان الشيخ أبو بكر القرطبي المذكور كثيرا ما ينشد مسندا إلى أبي الخير الكاتب الواسطي رواهما بالإسناد المتصل إليه أنهما له (جرى قلم القضاء بما يكون * فسيان التحرك والسكون) (جنون منك أن تسعى لرزق * ويرزق في غشاوته الجنين) وقال أنشدنا أبو الوفاء عبد الباقي بن وهب بن حسان قال أنشدنا أبو عبد الله محمد بن منيع بمصر لنفسه (لي حيلة فيمن ينم * وليس في الكذاب حيله)
(١٧٢)