وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٢٨٨
أراد الانصراف من نيسابور خرج إمام الحرمين للوداع وأخذ بركابه حتى ركب أبو إسحاق وظهر له في خراسان منزلة عظيمة وكانوا يأخذون التراب الذي وطئته بغلته فيتبركون به وكان زفاف ابنة السلطان إلى الخليفة في سنة ثمانين وأربعمائة وفي صبيحة دخولها عليه أحضر الخليفة المقتدي عسكر السلطان على سماط صنعه لهم كان فيه أربعون ألف منا سكرا وفي بقية هذه السنة في ذي القعدة منها رزق الخليفة ولدا من ابنة السلطان سماه أبا الفضل جعفرا وزينت بغداد لأجله وكان السلطان قد دخل إلى بغداد دفعتين وهي من جملة بلاده التي تحتوي عليها مملكته وليس للخليفة فيها سوى الاسم فلما عاد إليها الدفعة الثالثة دخلها في أوائل شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة وخرج من فوره إلى ناحية دجيل لأجل الصيد فاصطاد وحشا وأكل من لحمه فابتدأت به العلة وافتصد فلم يكثر من إخراج الدم فعاد إلى بغداد مريضا ولم يصل إليه أحد من خاصته فلما دخلها توفي ثاني يوم دخوله وهو السادس عشر من شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة وكانت ولادته في التاسع من جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وأربعمائة رحمه الله تعالى وقيل إنه سم في خلال تخلل به وحمل تابوته إلى أصبهان ودفن بها في مدرسة عظيمة موقوفة على طائفة الشافعية والحنفية ولم يشهد أحد جنازته ببغداد ولا صلي عليه في الصورة الظاهرة ولا جلسوا للعزاء ولا حذف عليه ذنب فرس كعادة أمثاله بل كأنه اختلس من العالم ومن عجيب الاتفاق أنه لما دخل بغداد في هذه المرة وكان للخليفة المقتدي ولدان أحدهما الإمام المستظهر بالله والآخر أبو الفضل جعفر ابن بنت السلطان وقد تقدم ذكر ولادته وكان الخليفة قد بايع لولده المستظهر بالله بولاية العهد من بعده لأنه كان الأكبر فألزم السلطان الخليفة أن يخلعه ويجعل ابن بنته جعفرا ولي العهد ويسلم بغداد إليه ويخرج الخليفة إلى البصرة فشق ذلك
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»