وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٢٨٥
آلاف فتصدق بعشرة آلاف دينار بعد أن نسي كثيرا منه وقال إنني خائف من الله سبحانه وتعالى لإزهاق الأرواح لغير مأكلة وصار بعد ذلك كلما قتل صيدا تصدق بدينار وخرج من الكوفة لتوديع الحاج فجاوز العذيب وشيعهم بالقرب من الواقصة وصاد في طريقه وحشا كثيرا فبنى هناك منارة من حوافر الحمر الوحشية وقرون الظباء التي صادها في ذلك الطريق والمنارة باقية إلى الآن وتعرف بمنارة القرون وذلك في سنة ثمانين وأربعمائة وكانت السبل في أيامه ساكنة والمخاوف آمنة تسير القوافل من ما وراء النهر إلى أقصى الشام وليس معها خفير ويسافر الواحد والاثنان من غير خوف ولا رهب وحكى محمد بن عبد الملك الهمداني في تاريخه أن السلطان ملكشاه المذكور توجه لحرب أخيه تكش فاجتاز بمشهد علي بن موسى الرضا رضي الله عنهما بطوس ودخل مع نظام الملك الوزير وصليا فيه وأطالا الدعاء ثم قال لنظام الملك بأي شيء دعوت قال دعوت الله تعالى أن ينصرك ويظفرك بأخيك فقال أما أنا فلم أدع بهذا بل قلت اللهم انصر أصلحنا للمسلمين وأنفعنا للرعية ثم قال الهمداني أيضا عقيب هذا وحكي أن واعظا دخل عليه ووعظه فكان من جملة ما حكى له أن بعض الأكاسرة اجتاز منفردا عن عسكره على باب بستان فتقدم إلى الباب وطلب ماء يشربه فأخرجت له صبية إناء فيه ماء السكر والثلج فشربه واستطابه فقال لها هذا كيف يعمل فقالت إن قصب السكر يزكو عندنا حتى نعصره بأيدينا فيخرج منه هذا الماء فقال ارجعي وأحضري شيئا آخر وكانت الصبية غير عارفة به ففعلت فقال في نفسه الصواب أن أعوضهم عن هذا المكان وأصطفيه لنفسي فما كان بأسرع من خروجها باكية وقالت إن نية سلطاننا قد تغيرت فقال ومن أين علمت ذلك قالت كنت آخذ من هذا ما أريد من غير تعسف والآن
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»