وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ١٧
ومنها يشكو الغربة وما قاساه فيها (أشكو إليك نوى تمادى عمرها * حتى حسبت اليوم منها أشهرا) (لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى * يعفو ولا جفني يصلفحه الكرى) (أضحي عن الأحوى المريع محلا * وأبيت عن ورد النمير منفرا) (ومن العجائب أن يقيل ظلكم * كل الورى ونبذت وحدي بالعرا) وهذه القصيدة من أحسن الشعر وعندي هي خير من قصيدة أبي بكر ابن عمار الأندلسي التي أولها وهي على وزنها ورويها وقد تقدم ذكر شيء منها في ترجمته (أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى *) فلما وقف عليها الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق فلما دخلها قال (هجوت الأكابر في جلق * ورعت الوضيع بسب الرفيع) (وأخرجت منها ولكنني * رجعت على رغم أنف الجميع) وكان له في عمل الألغاز وحلها اليد الطولى فمتى كتب إليه بشيء منها حله في وقته وكتب الجواب أحسن من السؤال نظما ولم يكن له غرض في جمع شعره فلذلك لم يدونه فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس وقد جمع له بعض أهل دمشق ديوانا صغيرا لا يبلغ عشر ما له من النظم ومع هذا ففيه أشياء ليست له وكان من أظرف الناس وأخفهم روحا وأحسنهم مجونا وله بيت عجيب من جملة قصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق وهو
(١٧)
مفاتيح البحث: دمشق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»