خراسان ولما وصل إلى بغداد أنزله علي بن محمد بن الحوارى في جواره وأفضل عليه وعرف الإمام المقتدر خبره ومكانه من العلم فأمر أن يجرى عليه خمسون دينارا في كل شهر ولم تزل جارية عليه إلى حين وفاته وكان واسع الرواية لم ير أحفظ منه وكان يقرأ عليه دواوين العرب فيسابق إلى إتمامها من حفظه وسئل عنه الدارقطني أثقة هو أم لا فقال تكلموا فيه وقيل إنه كان يتسامح في الرواية فيسند إلى كل واحد ما يخطر له وقال أبو منصور الأزهري اللغوي دخلت عليه فرأيته سكران فلم أعد إليه وقال ابن شاهين كنا ندخل عليه ونستحيي مما نرى من العيدان المعلقة والشراب المصفى وذكر أن سائلا سأله شيئا فلم يكن عنده غير دن من نبيذ فوهبه له فأنكر عليه أحد غلمانه وقال تتصدق بالنبيذ فقال لم يكن عندي شيء سواه ثم أهدي له بعد ذلك عشرة دنان من النبيذ فقال أخرجنا دنا فجاءنا عشرة وينسب إليبه من هذه الأمور شيء كثير وعرض له في رأس التسعين من عمره فالج سقي له الترياق فبرئ منه وصح ورجع إلى أفضل أحواله ولم ينكر من نفسه شيئا ورجع إلى إسماع تلامذته وإملائه عليهم ثم عاوده الفالج بعد حول لغذاء ضار تناوله فكان يحرك يديه حركة ضعيفة وبطل من محزمه إلى قدميه فكان إذا دخل عليه الداخل ضج وتألم لدخوله وإن لم يصل إليه قال تلميذه أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي المعروف بالبغدادي المقدم ذكره فكنت أقول في نفسي إن الله عز وجل عاقبه بقوله في قصيدته المقصورة المقدم ذكرها حين ذكر الدهر (مارست من لوهوت الأفلاك من * جوانب الجو عليه ما شكا) وكان يصيح لذلك صياح من يمشي عليه أو يسل بالمسال والداخل بعيد منه وكان مع هذه الحال ثابت الذهن كامل العقل يرد فيما يسأل عنه ردا
(٣٢٦)