وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٣١٥
ولى رجلا على الإجراء على العميان والأيتام والقواعد من النساء اللواتي أزوج لهن فدخل على هذا المتولي بعض المتخلفين ومعه ولده فقال له إن رأيت أصلحك الله أن تثبت اسمي مع القواعد فقال له المتولي القواعد نساء فكيف أثبتك فيهن فقال ففي العميان فقال اما هذا فنعم فإن الله تعالى يقول * (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) * (الحج: 46) فقال وثبت ولدي في الأيتام فقال وهذا افعله أيضا فإنه من تكن أنت أباه فهو يتيم فانصرف عنه وقد أثبته في العميان وولده في الأيتام وطلب بعض الأكابر من المبرد معلما لولده فبعث شخصا وكتب معه قد بعثت به وأنا أتمثل فيه (إذا زرت الملوك فإن حسبي * شفيعا عندهم أن يخبروني) ومعنى هذا البيت مأخوذ من كلام أحمد بن يوسف كاتب المأمون وقد أهدى إليه ثوب وشي في يوم نيروز وقد أهديت إلى أمير المؤمنين ثوب وشي يصف نفسه والسلام وحكى عنه أبو بكر ابن أبي الأزهر بشيء طريف في هذا قال حدثني محمد بن يزيد قال قال لي المازني يا أبا العباس بلغني انك تنصرف من مجلسنا فتصير إلى مواضع المجانين والمعالجين فما معناك في ذاك قال فقلت له ان لهم اعزك الله طرائف الكلام وعجائب من الأقسام فقال حدثني بأعجب ما رأيته منهم فقلت دخلت يوما إلى مستقرهم مع ابن أبي خميصة وكان المتقلد عليهم النفقة والمتقلد أحوالهم فرأيت مراتبهم على مقدار بليتهم فمررت على شيخ منهم تلوح صلعته وتبرق بالدهن جبهته وهو جالس على حصير نظيف ووجهه إلى القبلة كأنه يريد الصلاة فجاوزته إلى غيره فناداني سبحان الله أين السلام من أولى به انا أو أنت فاستحسنت منه وقلت السلام عليكم فقال لو كنت ابتدأت لأوجبت علينا حسن الرد عليك على أننا نصرف سوء
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»