وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٢٦٦
كالزرع قال صالح يا أبا الهذيل إنما اجزع عليه لأنه لم يقرا كتاب الشكوك فقال له كتاب الشكوك ما هو يا صالح قال هو كتاب قد وضعته من قرأه يشك فيما كان حتى يتوهم أنه لم يكن ويشك فيما لم يكن حتى يتوهم انه قد كان فقال له أبو الهذيل فشك أنت في موت ابنك واعمل على إنه لم يمت وان كان قد مات وشك أيضا في قراءته كتاب الشكوك وإن كان لم يقرأه ولأبي الهذيل كتاب يعرف بميلاس وكان ميلاس رجلا مجوسيا فأسلم وكان سبب إسلامه انه جمع بين أبي الهذيل المذكور وجماعة من الثنوية فقطعهم أبو الهذيل فأسلم ميلاس عند ذلك وكان قد اجتمع عند يحيى بن خالد البرمكي جماعة من أرباب الكلام فسألهم عن حقيقة العشق فتكلم كل واحد بشيء وكان أبو الهذيل المذكور في جملتهم فقال أيها الوزير العشق يختم على النواظر ويطبع على الأفئدة مرتعه في الأجسام ومشرعه في الأكباد وصاحبه متصرف الظنون متفنن الأوهام لايصفو له مرجو ولا يسلم له موعود تسرع إليه النوائب وهو جرعة من نقيع الموت ونقعة من حياض الثكل غير أنه من أريحية تكون في الطبع وطلاوة توجد في الشمائل وصاحبه جواد لا يصغي إلى داعية المنع ولا يصيخ لنازع العذل وكان المتكلمون ثلاثة عشر شخصا وأبو الهذيل ثالث من تكلم منهم ولولا خوف الإطالة لذكرت كلام الجميع ورأيت في بعض المجاميع ان اعرابية وصفت العشق فقالت في صفته خفي عن أن يرى وجل عن أن يخفى فهو كامن ككمون النار في الحجر إن قدحته أورى وإن تركته توارى وإن لم يكن شعبة من الجنون فهو عصارة السحر وكانت ولادة أبي الهذيل سنة إحدى وقيل أربع وقيل خمس وثلاثين
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»