وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٢٥٠
بسببه خلق كثير من الطائفة الكرامية وغيرهم إلى مذهب أهل السنة وكان يلقب بهراة شيخ الإسلام وكان مبدأ اشتغاله على والده إلى أن مات ثم قصد الكمال السمناني واشتغل عليه مدة ثم عاد إلى الري واشتغل على المجد الجيلي وهو أحد أصحاب محمد ابن يحيى ولما طلب المجد الجيلي إلى مراغة ليدرس بها صحبه فخر الدين المذكور إليها وقرأ عليه مدة طويلة علم الكلام والحكمة ويقال انه كان يحفظ الشامل لإمام الحرمين في علم الكلام ثم قصد خوارزم وقد تمهر في العلوم فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى المذهب والاعتقاد فأخرج من البلد فقصد ما وراء النهر فجرى له أيضا هناك ما جرى له في خوارزم فعاد إلى الري وكان بها طبيب حاذق له ثروة ونعمة وكان للطبيب ابنتان ولفخر الدين ابنان فمرض الطبيب وأيقن بالموت فزوج ابنتيه لولدي فخر الدين ومات الطبيب فاستولى فخر الدين على جميع أمواله فمن ثمة كأنت له النعمة ولازم السفار وعامل شهاب الدين الغوري صاحب غزنة في جملة منالمال ثم مضى إليه افستيفاء حقه منه فبالغ في اكرامه والإنعام عليه وحصل له من جهته مال طائل وعاد إلى خراسان واتصل بالسلطان محمد بن تكش المعروف بخوارزم شاه وحظي عنده ونال أسنى المراتب ولم يبلغ أحد منزلته عنده ومناقبه أكثر من أن تعد وفضائله لا تحصى ولا تحد وكان له مع هذه العلوم شيء من النظم فمن ذلك قوله (نهاية إقدام العقول عقال * وأكثر سعي العالمين ضلال) (وارواحنا في وحشة من جسومنا * وحاصل دنيانا أذى ووبال) (ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا * سوى ان جمعنا فيه قيل وقالوا) (وكم قد رأينا من رجال ودولة * فبادوا جميعا مسرعين وزالوا) (وكم من جبال قد علت شرفاتها * رجال فزالوا والجبال جبال)
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»