وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٣٦
وقد عبأت للعزة الجلاد وللمحنة الصبر وكتب في أسفل كتابه (إذا أنا لم أبغ رضاك وأتقي * أذاك فيومي لا تزول كواكبه) (وما لامرىء بعد الخليفة جنة * تقيه من الأمر الذي هو كاسبه) (أسالم من سالمت من ذي هوادة * ومن لم تسالمه فإني محاربه) (إذا قارف الحجاج منك خطيئة * فقامت عليه في الصباح نوادبه) (إذا أنا لم أدن الشفيق لصنعه * وأقص الذي تسري إلي عقاربه) (فقف لي على حد الرضى لا أجوزه * مدى الدهر حتى يرجع الدر حالبه) (وإلا فدعني والأمور فإنني * شفيق رقيق أهلته تجاربه) فلما قرأ عبد الملك كتابه قال خاف أبو محمد صولتي ولن أعود إلى ما يكره وذكر حماد الراوية أن الحجاج سهر ليلة بالكوفة فقال لحرسه ايتني بمحدث من المسجد فأتاه بسبرة بن الجعد فدخل وسلم بلسان ذلق وقلب شديد فقال له الحجاج ممن الرجل قال من بني شيبان قال ما اسمك قال سبرة بن الجعد قال يا سبرة قرأت القرآن قال قد جمعته في صدري فإن عملت به فقد حفظته وإن خالفته فقد ضيعته فاتخذه الحجاج سميرا فما كان يتطلب شيئا من الحديث إلا وجد عنده منه وكان يرى رأي الخوارج وكان من أصحاب قطري بن الفجاءة المزني التميمي والفجاءة أمه وكانت من بني شيبان وإنما هو رجل من تميم وكان قطري يومئذ يحارب المهلب فبلغ قطريا ما كان من سبره مع الحجاج فكتب إليه من جملة قصيدة (لشتان ما بين ابن جعد وبيننا *) فلما قرأ كتابه بكى وركب فرسه وأخذ سلاحه ولحق بقطري وطلبه الحجاج فلم يقدر عليه ولم يرع الحجاج إلا وكتاب فيه شعر قطري الذي كان كتب به
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»