وأحسنهم شعرا فقال عمر رضي الله عنه عزيمة من أمير المؤمنين لتأخذن من شعرك فأخذ من شعره فخرج له وجنتان كأنهما شقتا قمر فقال اعتم فاعتم ففتن الناس بعينيه فقال عمر رضي الله عنه والله لا تساكنني ببلدة أنا فيها قال يا أمير المؤمنين ما ذنبي قال هو ما أقول لك وسيره إلى البصرة هذه خلاصة القصة وبقيتها لا حاجة إلى ذكره ونصر المذكور ابن حجاج بن علاط السلمي وأبوه صحابي رضي الله عنه وقيل إن المتمنية هي جدة الحجاج أم أبيه وهي كنانية وحكى أبو أحمد العسكري في كتاب التصحيف أن الناس غبروا يقرؤون في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه نيفا وأربعين سنة إلى إيام عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق ففزع الحجاج بن يوسف الثقفي إلى كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات فيقال إن نصر بن عاصم قام بذلك فوضع النقط أفرادا وأزواجا وخالف بين أماكنها فغبر الناس بذلك زمانا لا يكتبون إلا منقوطا فكان مع استعمال النقط أيضا يقع التصحيف فأحدثوا الإعجام فكانوا يتبعون النقط والإعجام فإذا أغفل الاستقصاء عن الكلمة فلم توف حقوقها اعترى التصحيف فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها إلا على الأخذ من أفواه الرجال بالتلقين حكى القاضي أبو الفرج المعافى في كتاب الجليس والأنيس قال لما أراد الحجاج بن يوسف الخروج من البصرة إلى مكة شرفها الله تعالى خطب الناس فقال يا أهل البصرة إني أريد الخروج إلى مكة وقد استخلفت عليكم محمدا ابني وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار فإنه أوصى أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم ألا وإني قد أوصيته فيكم أن لا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم ألا وإنكم قائلون بعدي كلمة ليس يمنعكم من إظهارها إلا الخوف لا أحسن الله له الصحابة وإني معجل لكم الجواب لا أحسن الله عليكم الخلافة
(٣٢)