أنكرتني فضربت يدها إلى الثوب في الماء فالتحفت به وعرفتني الجارية فأعادت الثوب إلى الماء وتحدثنا ساعة حتى غابت الشمس فسألتها الموعد فقالت أهلي سائرون ولا لقيتها بعد ذلك ولا وجدت أحدا آمنه فأرسله إليها فقال له كثير فهل لك أن آتي الحي فأتعرض بأبيات شعر أذكر فيها هذه العلامة إن لم أقدر على الخلوة بها قال وذلك الصواب فخرج كثير حتى أناخ بهم فقال له أبوها ما ردك يا ابن أخي قال قلت أبياتا عرضت فأحببت أن أعرضها عليك قال هاتها فأنشدته وبثينة تسمع (فقلت لها يا عز أرسل صاحبي * إليك رسولا والرسول موكل) (بأن تجعلي بيني وبينك موعدا * وأن تأمريني بالذي فيه أفعل) (وآخر عهدي منك يوم لقيتني * بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل) قال فضربت بثينة جانب خدرها وقالت اخسأ اخسأ فقال لها أبوها مهيم يا بثينة فقالت كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء الرابية ثم قالت للجارية ابغينا من الدومات حطبا لنذبح لكثير شاة ونشويها له فقال كثير أنا أعجل من ذلك وراح إلى جميل فأخبره فقال جميل الموعد الدومات وخرجت بثينة وصواحبها إلى الدومات وجاء جميل وكثير إليهن فما برحوا حتى برق الصبح فكان كثير يقول ما رأيت مجلسا قط أحسن من ذلك المجلس ولا مثل علم أحدهما بضمير الآجر ما أدري أيهما كان أفهم (36) وقال الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر في تاريخه الكبير قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري أنشدني أبي هذه الأبيات لجميل بن معمر قال وتروى لغيره أيضا وهي (ما زلت أبغي الحي أتبع فلهم * حتى دفعت إلى ربيبة هودج)
(٣٦٩)