فخذ حلتي هذه واعزلها جانبا وكل شيء سواها لك وارحل إلى رهط بثينة فإذا صرت إليهم فارتحل ناقتي هذه واركبها ثم البس حلتي هذه واشققها ثم اعل على شرف وصح بهذه الأبيات وخلاك ذم (صرخ النعي وما كنى بجميل * وثوى بمصر ثواء غير قفول) (ولقد أجر البرد في وادي القرى * نشوان بين مزارع ونخيل) (قومي بثينة فاندبي بعويل * وابكي خليلك دون كل خليل) قال ففعلت ما أمرني به جميل فما استتممت الأبيات حتى برزت بثينة كأنها بدر قد بدا في دجنة وهي تتثنى في مرطها حتى أتتني وقالت يا هذا والله إن كنت صادقا لقد قتلتني وإن كنت كاذبا لقد فضحتني قلت والله ما أنا إلا صادق وأخرجت حلته فلما رأتها صاحت بأعلى صوتها وصكت وجهها واجتمع نساء الحي يبكين معها ويندبنه حتى صعقت فمكثت مغشيا عليها ساعة ثم قامت وهي تقول (وإن سلوي عن جميل لساعة * من الدهر ما حانت ولا حان حينها) (سواء علينا يا جميل بن معمر * إذا مت بأساء الحياة ولينها) وقد تقدم ذكر هذين البيتين في ترجمة الحافظ أبي طاهر أحمد السلفي قال الرجل فما رأيت أكثر باكيا ولا باكية من يومئذ
(٣٧١)