ابن أبي داود قال المتوكل تأتي إلى رجل قد رفضته فتنسبه إلى السخاء قال إن الصدق يا أمير المؤمنين على موضع من المواضع أنفق منه على مجلسك وإن الناس يغلطون فيمن ينسبونه إلى الجود لأن سخاء البرامكة منسوب إلى الرشيد وسخاء الفضل والحسن بن سهل منسوب إلى المأمون وجود ابن أبي دواد منسوب إلى المعتصم وإذا نسب الفتح وعبيد الله إلى السخاء فذاك سخاؤك يا أمير المؤمنين قال صدقت فمن أبخل من رأيت قال موسى بن عبد الملك قال وما رأيت من بخله قال رأيته يحرم القريب كماا يحرم الغريب ويعتذر من الإحسان كما يعتذر من الإساءة فقال له قد وقعت فيه عندي وقعتين وما أحب ذلك فالقه واعتذر إليه ولا يعلم أني وجهت بك قال يا أمير المؤمنين من يسكته بحضرة ألف قال لن تخاف على الاحتراس من الخوف فسار إلى موسى واعتذر كل واحد منهما إلى صاحبه وافترقا إلى صلح فلقيه بالجعفري فقال يا أبا عبد الله قد اصطلحنا فما لك لا تأتينا قال * (أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) * ما أرانا إلا كما كنا أولا وكان المتوكل قد غضب على عبادة ونفاه إلى الموصل وكان عبادة من أطيب الناس وأخفهم روحا وأحضرهم نادرة وكان أبوه من طباخي المأمون وكان معه فخرج حاذقا بالطبيخ ثم مات أبوه ونحب حكى أبو حازم الفقيه وقد جرى ذكر عبادة قال ما كان أطرفه قيل وكيف قال لما حصل بالموصل تبعه غرماؤه وطلبوه وقدموه إلى علي بن إبراهيم العمري وهو قاضي الموصل فحلف لواحد ثم لآخر ثم لآخر فقال له علي بن إبراهيم ويحك ترى هؤلاء كلهم قد اجتمعوا على ظلمك فاتق الله وارجع إلى نفسك فإن كانت عسرة بإزائها نظرة فقال صدقت فديتك ليس كلهم ادعى الكذب ولا كلهم ادعى الصدق ولكني دفعت بالله ما لا أطيق وقيل له وقد مات زوج أخته ما ورثت أختك من زوجها قال أربعة أشهر وعشرا وحكى علي بن الجهم قال لما أفضت الخلافة إلى المتوكل أهدى إليه ابن طاهر
(٣٥٥)