بأيام كتب الملاحم فوقف على موضع فيه أن الخليفة العاشر يقتل في مجلسه فتوقفت عن قراءتهفقال مالك فقلت خير قال لا بد أن تقرأه فقرأته وحدت عن ذكر الخلفاء فقال ليت شعري من هذا الشقي المقتول وكان مربوعا أسمر خفيف شعر العارضين رفع المحنة في الدين وأخرج أحمد بن حنبل كما ذكرنا من الحبس وخلع عليه وكان بالدينور شيخ يتشيع ويميل إلى مذهب أهل الإمامة وكان له أصحاب يجتمعون إليه يوأخذون عنه ويدرسون عنده يقال له بشر الجعاب فرفع صاحب الخبر بالدينور رلى المتوكل أن بالدينور رجلا رافضيا يحضره جماعة من الرافضة ويتدارسون الرفض ويسبون الصحابة ويشتمون السلف فلما وقف المتوكل على كتابه أمر وزيره عبيد الله بن يحيى بالكتاب إلى عامله على الدينور بإشخاص بشر هذا والفرقة التي تجالسه فكتب عبيد الله بن يحيى بذلك فلما وصل إلى العامل كتابه وكان صديقا لبشر الجعاب حسن المصافاة له شديد الإشفاق عليه همة ذلك وشق عليه فاستدعى بشرا وأقرأه ما كوتب به في أمره وأمر أصحابه فقال له بشر عندي في هذا رأي إن استعملته كنت غير مستبطإ فيما أمرت به وكنت بمنجاة مما أنت خائف علي منه قال وما هو قال بالدينور شيخ خفاف اسمه بشر ومن الممكن المتيسر أن تجعل مكان الجعاب الخفاف وليس بمحفوظ عنده ما نسبت إليه من الحرفة والصناعة فسر العامل بقوله وعمد إلى العين من الجعاب فغير عينها وغير استواء خطها وانبساطه ووصل الباء بما صارت به فاء فكان أخبره عن بشر الخفاف أنه أبله في غاية البله والغفلة وأنه هزأة عند أهل بلده وضحكه وذلك أن أهل سواد البلد يأخذون منه الخفاف التامة والمقطوعة بنسيئة ويعدونه بأثمانها عند حصول الغلة فإذا حصلت وحازوا ما لهم منها ما طلوه بدينه ولووه بحقه واعتلوا بأنواع الباطل عليه فإذا انقضى وقت السادر ودنا الشتاء واحتاجوا إلى الخفاف وما جرى مجراها وافوا بشرا هذا واعتذروا إليه وخدعوه وابتدروا يعدونه الوفاء ويؤكدون مواعيدهم بالأيمان الكاذبة والمعاهدة الباطلة ويضمنون له أداء الديون الماضية والمستأنفة فيحسن ظنه بهم وسكونه ويستسلم إليهم ويستأنف
(٣٥١)