إعطاءهم من الخفاف وغيرها ما يري دونه فإذا حضرت الغلة أجروه على العادة وحملوه على ما تقدم من السنة ثم لا يزالون على هذه الوتيرة من أخذ سلعه في وقت حاجتهم ودفعه عن حقه في إبان غلاتهم فلا يتنبه من رقدته ولا يفيق من سكرته فأنفذ صاحب الخبر كتابه وأشار بتقدم الخفاف أمام القوم والإقبال عليه بالمخاطبة وتخصيصه بالمسألة ساكنا إلى أنه من ركاكته وفهاهته بما يضحك الحاضرين ويحسم الاشتغال بالبحث عن هذه القصة ويتخلص من هذه الثلاثة فلما ورد كتاب صاحب الخبر أعلم عبيد الله بن يحيى المتوكل به وبحضور القوم فأمر أن يجلس ويستحضرهم ويخاطبهم فيما حكي عنهم وأمر فعلق بينه وبينهم سلبية ليقف على ما يجري ويسمعه ويشاهده ففعل ذلك وجلس عبيد الله واستدعى المحضرين فقدموا إليه يقدمهم بشر الخفاف فلما جلسوا أقبل عبيد الله على بشر فقال له أنت بشر الخفاف فقال نعم فسكنت نفوس الحاضرين معه إلى تمام هذه الحيلة وإتمام هذه المدالسة وجواز هذه المغالطة فقال له إنه رفع إلى أمير المؤمنين من أمركم شيء أنكره فأمر بالكشف عنه وسؤالكم بعد إحضاركم عن حقيقته فقال له بشر نحن حاضرون فما الذي تأمرنا به قال بلغ أمير المؤمنين أنه يجتمع إليك قوم فيخوضون معك في الترفض وشتم الصحابة فقال بشر ما أعرف من هذا شيئا قال قد أمرت بامتحانكم والفحص عن مذاهبكم فقال ما تقول في السلف فقال لعن الله السلف فقال له عبيد الله ويلك أتدري ما تقول قال نعم لعن الله السلف فخرج خادم من بين يدي المتوكل فقال لعبيد الله يقول لك أمير المؤمنين سله الثالثة فإن أقام على هذا فاضرب عنقه فقال له إني سائلك هذه المرة فإن لم تتب وترجع عما قلت أمرت بقتلك فما تقول الآن في السلف فقال لعن الله السلف قد خرب بيتي وأبطل معيشتي وأتلف مالي وأفقرني وأهلك عيالي قال وكيف قال أنا رجل أسلف الأكرة وأهل الدستان الخفاف والتمسكات على أن يوفوني الثمن مما يحصل من غلاتهم فأصير إليهم عند حصول الغلة في بيادرهم فإذا أحرزوا الغلات دفعوني عن حقي وامتنعوا من توفيتي ماالي ثم يعودون عند دخول الشتاء فيعتذرون إلي ويحلفون بالله لا يعاودون
(٣٥٢)