وذكر الوزير أبو القاسم المغربي في كتاب أدب الخواص كنت أحادث الوزير أبا الفضل جعفرا المذكور وأجاريه شعر المتنبي فيظهر من تفضيله زيادة تنبه على ما في نفسه خوفا أن يرى بصورة من ثناه الغضب الخاص عن قول الصدق في الحكم العام وذلك لأجل الهجاء الذي عرض له به المتنبي وكانت ولادته لثلاث خلون من ذي الحجة سنة ثمان وثلاثمائة وتوفي يوم الأحد ثالث عشر صفر وقيل في شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة بمصر رحمه الله تعالى وصلى عليه القاضي حسين بن محمد بن النعمان ودفن في القرافة الصغرى وتربته بها مشهورة وحنزاية بكسر الحاء المهملة وسكون النون وفتح الزاي وبعد الألف باء موحدة مفتوحة ثم هاء وهي أم أبيه الفضل بن جعفر هكذا ذكره ثابت بن قرة في تاريخه الحنزاية في اللغة المرأة القصيرة الغليظة وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق وأورد من شعره قوله (من أخمل النفس أحياها وروحها * ولم يبت طاويا منها على ضجر) (إن الرياح إذا اشتدت عواصفها * فليس ترمي سوى العالي من الشجر) وقال كان كثير الإحسان إلى أهل الحرمين واشترى بالمدينة دارا بالقرب من المسجد ليس بينها وبين الضريح النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام سوى جدار واحد وأوصى أن يدفن فيها وقرر مع الأشراف ذلك ولما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين وخرجت الأشراف إلى لقائه وفاء بما أحسن إليهم فحجوا به وطافوا ووقفوا بعرفة ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه بالدار المذكورة وهذا خلاف ما ذكرته أولا والله أعلم بالصواب غير أني رأيت التربة المذكورة بالقرافة وعليها مكتوب هذه
(٣٤٩)