وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ١ - الصفحة ٢٨٨
بنادق مسك فيها رقاع بأسماء ضياع وأسماء جوار وصفات دواب وغير ذلك فكانت البندقة إذا وقعت في يد الرجل فتحها فيقرأ ما في الرقعة فإذا علم ما فيها مضى إلى الوكيل المرصد لذلك فيدفعها إليه ويتسلم ما فيها سواء كان ضيعة أو ملكا آخرت أو فرسا أو جارية أو مملوكا ثم نثر بعد ذلك علي سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وبيض العنبر وأنفق على المأمون وقواده وجميع أصحابه وسائر من كان معه من أجناده وأتباعه وكانوا خلقا لا يحصى حتى على الجمالين والمكارية والملاحين وكل من ضمه عسكره فلم يكن في العسكر من يشتري شيئا لنفسه ولا لدوابه وذكر الطبري في تاريخه أن المأمون أقام عند الحسن تسعة عشر يوما يعد له في كل يوم ولجميع من معه ما يحتاج إليه وكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم وأمر له المأمون عند منصرفه بعشرة آلاف ألف درهم وأقطعه فم الصلح فجلس وفرق المال على قواده وأصحابه وحشمه ثم قال بعد هذا خرج المأمون نحو الحسن لثمان خلون من شهر رضمان ورحل من فم الصلح لسبع بقين من شوال سنة عشر ومائتين وهلك حميد بن عبد الحميد يوم الفطر من هذه السنة وقال غيره وفرش للمأمون حصير منسوج بالذهب فلما وقف عليه نثرت على قدميه لآلئ كثيرة فلما رأى تساقط الآلي المختلفة على الحصير المنسوج بالذهب قال قاتل الله أبا نواس كأنه شاهد هذه الحال حين قال في صفة الخمر والحباب الذي يعلوها عند المزاج (كأن صغرى وكبرى من فواقعها * حصباء در على أرض من الذهب) وقد غلطوا أبا نواس في هذا البيت وليس هذا موضع إبانة الغلط
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»