ولم يقتصر العلماء على الموعظة والذكرى، بل كان بعضهم يأخذ بالعزيمة، والشدة، فكان ينكر ويجاهر بإنكاره، بل وصل الامر ببعضهم إلى القيام بحركات تغييرية انقلابية، مما أدى الامر إلى تواري بعضهم واختفائه، خوفا على النفس تارة، ومحاولة للوصول إلى هدف ما تارة أخرى.
ولم يقتصر الاختفاء والتواري على عصر الحجاج، وإن كثرت هذه الظاهرة فيه، مما جعل المصنف يجمعهم في هذه الرسالة، فحصل توار من قبل غير واحد في عصر أبي جعفر المنصور، من مثل: تواري إبراهيم بن عبد الله بن حسن منه، وتواري معن بن زائدة منه، وتواري أبي محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان منه.
وكذلك حصل توار في عصر الواثق، من مثل: تواري الامامين العظيمين أحمد بن حنبل وأحمد بن نصر الخزاعي منه.
والحاصل... أن للعلماء مواقف مشهودة مع الامراء، وفي هذه الصور، أخي القاري - التي بين يديك، دليل على ما نقول، فعسى أن تنتفع بها، وينفع الله بك، وما ذلك على الله بعزيز.
واعلم أن مثلك ومثل الامام، كمثل عين عظيمة صافية، طيبة الماء، يجري منها إلى نهر عظيم، فيخوض الناس إلى النهر، فيكدرونه، ويعود