له، وكان متوشلخ أراد فساد تلك الصور فامتنعوا عليه، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه لمك ومعنى لمك الجامع، وعهد إليه أبوه ودفع إليه الصحف والكتب المختومة التي كانت لإدريس عليه السلام، وكان عمر متوشلخ تسعمائة سنة.
وانتقلت الوصية إلى لمك وهو أبو نوح عليهما السلام، وقد كان رأى أن نارا أخرجت من فيه، فأحرقت العالم ورأى وقتا آخر كأنه على شجرة في وسط بحر لا غير.
ولما ولد له نوح عليه السلام ذكر العلماء والكهان ذلك ليمحويل الملك وعرفوه أن العالم يهلك في زمانه وأنه يكون طويل العمر.
وقد كانوا رأوا أنه طوفان يغرق الأرض، فأمر يمحويل أن يبنيا له المعاقل على رؤوس الجبال، بنيانا عاليا ليتحصنوا بها، فعملوا منها سبعة معاقل بعدة الأصنام التي كانت لهم وعلى أسمائها، وزبروا عليها شيئا من علومهم ويقال إن الملك عملها لنفسه خاصة.
وكبر نوح عليه السلام فنبأه الله عز وجل وهو ابن خمسين سنة وأرسله إلى قومه، وكان من نعته أنه آدم رقيق البشرة، في رأسه طول، عظيم العينين رقيق الساعدين والساقين، كثير لحم الفخذين طويل اللحية عريضها، طويل، جسيم وكان حيا بعد إدريس عليهما السلام، وهو من أهل العزم من الرسل.
وفي بعض الاخبار أن عمره ألف ومائتين وخمسين سنة، وأنه لبث في قومه يدعوهم إلى الايمان ألف سنة إلا خمسين عاما كما قال الله تعالى، وقال من ينكر طول الأعمار على مذهب الفلاسفة ان حياته لبنيه، وكانت شريعته التوحيد والصلاة والصيام والحج ومجاهدة أعداء الله من ولد قابيل، وأمر بالحلال ونهى عن الحرام، ولم يكن فرضت عليه احكام ولا مواريث ولا حدود، وأمر أن يدعو الناس إلى الله تعالى، ويحذرهم عذابه، ويذكرهم آلاءه.