قوما صالحين، فلما ماتوا حزن عليهم أبناؤهم حزنا شديدا فتمثل لهم إبليس وصور لهم صورهم من المرمر، وجعلها في بيوتهم ليتذكروا (1) بها ويتأنسوا ويخف حزنهم عليهم، فلما ملكوا ونشأ غيرهم صور عندهم إبليس أنها آلهة وأن آباءهم كان يعبدونها واستهواهم فعبدوها، وكان عمر شيث سبعمائة سنة واثنا (2) عشرة سنة، وولد له وهو ابن مائة وخمسين سنة.
وأوصى إلى ابنه قينان وقد كان علمه الصحف وبين له قسمة الأرض، وما يكون فيها، وأمره بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج، وبجهاد ولد قابيل ففعل ما أمره به أبوه، ومات قينان وله سبعمائة سنة وعشرون سنة.
وأوصى إلى ابنه مهلايل ووصاه بما أوصاه به، وكان عمر مهلايل ثمانمائة سنة وخمسة وسبعين سنة.
وأوصى إلى ابنه بوارد وعلمه الصحف وعلمه قسمة الأرض، وما يحدث في العالم ودفع إليه كتاب سر الملكوت الذي علمه مهلاييل (3) الملك لآدم عليهما السلام وكانوا يتوارثونه مختوما لا ينظرون فيه.
وولد لبوادر وهو ابن مائة سنة ابنه خنوخ، ويقول بعض أهل التاريخ إنه تم للعالم في وقته ألفان وستمائة سنة وأربع سنين.
وخنوخ هو إدريس النبي عليه السلام ونبأه الله تعالى وسمي إدريس لكثرة درسه لكتاب الله عز وجل، وسنن الدين وأنزل الله سبحانه وتعالى عليه ثلاثين صحيفة فكملت الصحف المنزلة يومئذ ثلاثين صحيفة، وعهد بوارد إلى خنوخ ورفع إليه وصية أبيه وعلمه العلوم التي كانت عنده ودفع إليه مصحف السر فلم يدفعه بعد شيث غير إدريس عليهما السلام.
وفي بعض الاخبار انه أول من كتب [من ولد] آدم عليه السلام.
وقال آخرون إنه لم يخل قط جيل ولا أمة من الكتابة لان إدريس بدت