وهو أول من اتخذها، ويقال إنه بنى أكثر منف، وكان له بنيان عظيم بالإسكندرية.
ولما ملك واستولى على البلد بأسره، جمع إليه حكماء أهل بلده ونظر في النجوم وكان بها حاذقا، ورأى أن بلده لابد له من أن يدخل إليه طوفان عظيم من نيلها فيكاد يغرقها، ورأى أنه يحدث على يدي رجل يأتي من ناحية الشام.
فجمع كل فاعل بمصر وجهاتها وبنى في ألواح الأقصى مدينة، جعل طول حصنها في الارتفاع خمسين ذراعا، وأودعها جميع الحكم والأموال، وهي المدينة التي وقع عليها موسى بن نصير في زمن بني أمية لما قلد المغرب، لأنه لما دخل مصر، أخذ على ألواح الأقصى بالنجوم وكان عنده علم منها.
فأقام سبعة أيام يسير في رمال بين سمت الغرب والجنوب، إلى أن ظهرت له مدينة فيها حصن وأبواب حديد، فرام أن يفتح بابا من أبوابها، فأعياه ذلك لغلبة الرمل عليها، وعلى ما حولها، فأصعد إليها الناس، فكل من صعد منهم وأشرف، وثب داخلها لا يعلم كيف يقع، ولا على ما يسقط، ولا ما يصيب.
ولما لم يجد فيها حيلة تركها ومضى، وقد فقد فيها جماعة من أصحابه، وحرروا عرض حصنها عشرين ذراعا، وهلك في طريقه منصرفا عنها جماعة من أصحابه، ولم يسمع أن أحدا قبل موسى بن نصير، ولا بعده وقع عليها.
وفي تلك الصحاري أكثر متنزهاتهم ومدائنهم العجيبة وكنوزهم العظيمة، إلا أن الرمان غلبت عليها.