ومخلصي، بعد أن أحاطت بي سكرات الموت، وقربت مني، واحتوت علي أحداث الهلكة، فدعوتك في ضيقي واستعنت بك يا إلهي، فسمعت صوتي فاستنقذتني من الذين اعتوروني واضطهدوني، وكنت ناصري، فأخرجتني من الضيق إلى الفرج، فما أعد لك يا رب، وأنصرك للمتوكلين عليك، لأنه لا رب غيرك، فألهمني القوة، وبصرني طريق الرشد، وثبت قدمي بين يديك، وشدد ساعدي، ولا تقدر علي أعدائي، وهب لي طاعة بني إسرائيل، وصيرهم خولا خاضعين، وألهمني شكرك.
وكان داود إذا سبح الله بهذا الكلام رفع صوتا حسنا لم يسمع مثله، وكان إذا قرأ الزبور قال: طوبى لرجل.. (1) في سبيل الأثمة لم يسلك، وفي مجالس المستهزئين لم يجلس، ولكن هواه سنة الله، وبسننه تعلم الليل والنهار، يكون كشجرة غرست على شط الماء، تؤتي أكلها كل حين، ولا يتناثر ورقها، وليس كذلك المنافقون في القضاء، ولا الخاطئون في مجمع الأبرار، من أجل أن الله يعلم سبيل الأبرار وسبيل الأثمة يبطل.
ثم يقول: سبح لله من في السماء، وليسبحه من في العلى، ولتسبحه ملائكته كلها، ولتسبحه جنوده كلها، ولتسبح له الشمس والقمر، ولتسبح له الكواكب والنور، وليسبح لاسم ربنا الماء الذي فوق السماء، وذلك بأنه قال لكل شئ: كن فكان، وهو خلق كل شئ وبرأه، وجعلهن دائمات الأبد، وقدر كل شئ منهن تقديرا، وجعل لهن حدا ومنتهى لا يجاوزنه، فليسبح الله من في الأرض، والنار، والبرد، والثلج، والجليد، فإنه خلق الريح العاصف بكلمته.
سبحوا الله تسبيحا حديثا في مسجد الصديقين، وليفرح إسرائيل بخالقه، وإن بني صيون يكبرون ربكم، ويسبحون اسمه بالدف، والطبل، والكبر، يكبرونه من أجل أن يسر الله بشريعته، ويعطي المساكين النصر، ليشيد الصديقون .