لم يقتلها قوم، فسألوا يوشع الصلح، فأبى عليهم، حتى يدفعوا إليه المرأة، فقال بالق: لا أدفعها! فقالت: ادفعني إليه! فدفعها إليه، وصالح، فقالت له:
هل تجد فيما أنزل على صاحبك قتل النساء؟ قال: لا! قالت: فإني قد دخلت في دينك. قال: فاسكني في مدينة أخرى! فأنزلها مدينة أخرى.
ولما افتتح يوشع بن نون البلقاء أكثر بنو إسرائيل الزناء، وشرب الخمور، ووقعوا على النساء، وكثرت فيهم الفاحشة، فعظم ذلك على يوشع بن نون، وخوفهم الله، وحذرهم سطوته، فلم يحذروا، فأوحى الله، عز وجل، إلى يوشع بن نون: إن شئت سلطت عليهم عدوهم، وإن شئت أهلكتهم بالسنين، وإن شئت بموت حثيث عجلان. فقال: هم بنو إسرائيل، ولا أحب أن تسلط عليهم عدوهم، ولا يهلكوا بالسنين، ولكن بموت حثيث، فوقع فيهم الطاعون فمات في وقت واحد سبعون ألفا.
وكانت أيام يوشع في بني إسرائيل، بعد موسى بن عمران، سبعا وعشرين سنة.
ثم كان على بني إسرائيل بعد يوشع بن نون دوشان الكفري، فلبث فيهم ثماني سنين، ثم كان بعد دوشان عثانيل بن قنز، أخي كالب، من سبط يهوذا ابن يعقوب، أربعين سنة، وقد كان كثر ظلم بني إسرائيل وعتوهم، فسلط الله عليهم كوشان جبار مؤاب، فلما ملك عثنايل قتل كوش، وملك أربعين سنة.
ثم ارتدت بنو إسرائيل إلى الكفر، فسلط الله عليهم عقلون ملك مؤاب، خمس عشرة سنة، ثم تابوا، فبعث الله لهم رجلا يقال له اهود به جيرا، من سبط افرائيم، فقتل عقلون ملك مؤاب، وكان يقاتل بشماله ويمينه، فسموه ذا اليمينين، وهو أول من طبع السيوف ذوات الحدين، وكانت قبله ذوات أقفية، وفي زمانه بنيت البنية بالشأم، وفي خمس وعشرين سنة من ملك اهود تم الألف الرابع.