حتى لا يدخل إلا بسلم، فإنه لا يدخلها حينئذ إلا من أردتم، فإن جاء أحد ممن تكرهون رميتم به فسقط فكان نكالا لمن ورائه. فعملت قريش بذلك.
161 - قال: ولما تحصن عبد الله بن الزبير بن العوام في المسجد الحرام واستعاذ به، والحصين بن نمير السكوني إذ ذاك يقاتله في أهل الشام، أخذ ذات يوم رجل من أصحابه نارا على ليفة في رأس رمح، وكانت الريح عاصفا، فطارت شرره فتعلقت بأستار الكعبة فأحرقتها، فتصدعت حيطانها واسودت، وذلك في سنة أربع وستين، حتى إذا مات يزيد بن معاوية وانصرف الحصين ابن نمير إلى الشام أمر ابن الزبير بما في المسجد من الحجارة التي (ص 46) رمى بها فأخرج، ثم هدم الكعبة وبناها على أساسها وأدخل الحجر فيها، وجعل لها بابين موضوعين بالأرض شرقيا وغربيا، يدخل من واحد ويخرج من الآخر. وكان قد وجد أساس الكعبة متصلا بالحجر. وإنما التمس إعادتها إلى بناء إبراهيم عليه السلام على ما كانت عائشة أم المؤمنين أخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وجعل على بابها صفائح الذهب، وجعل مفاتيحها من ذهب. فلما حاربه الحجاج ابن يوسف من قبل عبد الملك بن مروان وقتله، كتب إليه عبد الملك يأمره ببناء الكعبة والمسجد الحرام. وقد كانت الحجارة حلحلت الكعبة، فهدمها الحجاج وبناها، فردها إلى بناء قريش، وأخرج الحجر. فكان عبد الملك يقول بعد ذلك: وددت أنى كنت حملت ابن الزبير من أمر الكعبة وبناءها ما تحمل.
162 - قالوا: وكانت كسوة الكعبة في الجاهلية الأنطاع والمغافر.
فكساها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية، ثم كساها عمر وعثمان رضي الله عنهما القباطي، ثم كساها يزيد بن معاوية الديباج الخسرواني، وكساها