وكان المتوكل على الله أمر بتوجيه رجل يقال له محمد بن عبد الله ويعرف بالقمي إلى المعدن بمصر واليا عليه، وولاه القلزم وطريق الحجاز وبذرقة حاج مصر. فلما وافى المعدن حمل الميرة في المراكب من القلزم إلى بلاد البجة ووافى ساحلا يعرف بعيذاب. فوافته المراكب هناك. فاستعان بتلك الميرة وتقوتها ومن معه حتى وصل إلى قلعة ملك البجة. فناهضه. وكان في عدة يسيرة فخرج إليه البجوي في الدهم على إبل محزمة. فعمد القمي إلى الأجراس فقلدها الخيل. فلما سمعت الإبل أصواتها تقطعت بالبجويين في الأودية والجبال. وقتل صاحب البجة. ثم قام من بعده ابن أخته، وكان أبوه أحد ملوك البجويين وطلب (ص 238) الهدنة. فأبى المتوكل على الله ذلك إلا أن يطأ بساطه.
فقدم سر من رأى فصولح في سنة إحدى وأربعين ومائتين على أداء الإتاوة والبقط، ورد مع القمي. فأهل البجة على الهدنة يؤدون ولا يمنعون المسلمين من العمل في معدن الذهب. وكان ذلك في الشرط على صاحبهم.