فابتنوا، ومصر ما هناك، وبنى مسجدا جامعا بالجص والآجر وعمد الرخام، وسقفه بالأرز، وجعله مئتي ذراع في نحو مئتي ذراع. وابتاع عبيدا أعتقهم فبلغوا خمسة آلاف، وأسكنهم حوله. وسمى تلك المدينة العباسية، وهي اليوم آهلة عامرة.
وكان محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب أحدث في سنة تسع وثلاثين ومائتين مدينة بقرب تاهرت سماها العباسية أيضا، فأخر بها أفلح بن عبد الوهاب الأباضي، وكتب إلى الأموي صاحب الأندلس يعلمه ذلك تقربا إليه به. فبعث إليه الأموي مئة ألف درهم.
587 - وبالمغرب أرض تعرف بالأرض الكبيرة، وبينها وبين برقة مسيرة خمسة عشر يوما أو أقل من ذلك قليلا وأكثر قليلا. وبها مدينة على شاطئ البحر تدعى بارة، وكان أهلها نصارى وليسوا بروم. غزاها حبلة مولى الأغلب فلم يقدر عليها. ثم غزاها خلفون البربري، ويقال إنه مولى لربيعة (ص 234) ففتحها في أول خلافة المتوكل على الله. وقام بعده رجل يقال له المفرج بن سلام ففتح أربعة وعشرين حصنا واستولى عليها، وكتب إلى صاحب البريد بمصر يعلمه خبره وأنه لا يرى لنفسه ومن معه من المسلمين صلاة إلا بأن يعقله الامام على ناحيته ويوليه إياها ليخرج من حد المتغلبين. وبنى مسجدا جامعا. ثم إن أصحابه شغبوا عليه فقتلوه. وقام بعده سوران فوجه رسوله إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله يسأله عقدا وكتاب ولاية. فتوفى قبل أن ينصرف رسوله إليه. وتوفى المنتصر بالله وكانت خلافته ستة أشهر. وقام المستعين بالله أحمد بن محمد بن المعتصم بالله فأمر عامله على المغرب، وهو اوتامش مولى أمير المؤمنين، بأن يعقد على ناحيته. فلم يشخص رسوله من سر من رأى حتى قتل اوتامش وولى الناحية وصيف مولى أمير المؤمنين فعقد له وأنفذه.