موسى الهادي المغرب. فجمع له حريش، وهو رجل كان من جند الثغر من تونس، جمعا وسار إليه وهو بقيروان إفريقية فحصره. ثم إن الأغلب خرج إليه فقاتله، فأصابه في المعركة سهم فسقط ميتا وأصحابه لا يعلمون بمصابه. ولم يعلم به أصحاب حريش. ثم إن حريشا انهزم وجيشه فاتبعهم أصحاب الأغلب ثلاثة أيام فقتلوهم وقتلوا حريشا بموضع يعرف بسوق الأحد. فسمى الأغلب الشهيد.
قال: وكان إبراهيم بن الأغلب من وجوه جند مصر. فوثب واثنا عشر رجلا معه فأخذوا من بيت المال مقدار أرزاقهم لم يزدادوا على ذلك شيئا وهربوا، فلحقوا بموضع يقال له الزاب، وهو من القيروان على مسيرة أكثر من عشرة أيام، وعامل الثغر يومئذ من قبل الرشيد هارون هرثمة بن أعين. واعتقد إبراهيم بن الأغلب على من كان من تلك الناحية من الجند وغيرهم الرياسة، وأقبل يهدى إلى هرثمة ويلاطفه ويكتب إليه يعلمه أنه لم يخرج يدا من طاعة ولا اشتمل على معصية (ص 233) وأنه إنما دعاه إلى ما كان منه الأحواج والضرورة. فولاه هرثمة ناحيته واستكفاه أمرها. فلما صرف هرثمة من الثغر وليه بعده ابن العكي. فساء أثره فيه حتى انتقض عليه. فاستشار الرشيد هرثمة في رجل يوليه إياه ويقلده أمره. فأشار عليه باستصلاح إبراهيم واصطناعه وتوليته الثغر. فكتب إليه الرشيد يعلمه أنه قد صفح له عن جرمه وأقاله هفوته ورأى توليته بلاد المغرب اصطناعا له، ليستقبل به الاحسان ويستقبل به النصيحة.
فولى إبراهيم ذلك الثغر وقام به وضبطه.
ثم إن رجلا من جند البلد يقال له عمران بن مجالد خالف ونقض. فانضم إليه جند الثغر وطلبوا أرزاقهم وحاصروا إبراهيم بالقيروان. فلم يلبثوا أن أتاهم العراض والمعطون ومعهم مال من خراج مصر. فلما أعطوا تفرقوا. فابتنى إبراهيم القصر الأبيض الذي في قبلة القيروان على ميلين منها. وخط للناس حوله