506 - قالوا: وقد كانت أمور الروم تشتتت في بعض الأزمنة وصاروا كملوك الطوائف. فملك أرمنياقس رجل منهم، ثم مات فملكتها بعده امرأته، وكانت تسمى قالى. فبنت مدينة قاليقلا وسمتها قاليقاله، ومعنى ذلك إحسان قالى.
قال: وصورت على باب من أبوابها، فأعربت العرب قاليقاله فقالوا: قاليقلا.
507 - قالوا: ولما استخلف عثمان بن عفان كتب إلى معاوية، وهو عامله على الشام والجزيرة وثغورها، يأمره أن يوجه حبيب بن مسلمة الفهري إلى أرمينية. وكان حبيب ذا أثر جميل في فتوح الشام وغزو الروم، قد علم ذلك منه عمر ثم عثمان رضي الله عنهما ثم من بعده. ويقال بل كتب عثمان إلى حبيب يأمره بغزو أرمينية، وذلك أثبت. فنهض إليها في ستة آلاف، ويقال في ثمانية آلاف من أهل الشام والجزيرة. فأتى قاليقلا فأناخ عليها وخرج إليه أهلها فقاتلهم ثم ألجأهم إلى المدينة، فطلبوا الأمان على الجلاء والجزية، فجلا كثير منهم فلحقوا ببلاد الروم. وأقام حبيب بها فيمن معه أشهرا. ثم بلغه أن بطريق أرمنياقس قد جمع للمسلمين جمعا عظيما وانضمت إليه أمداد أهل اللان وأفخاز وسمندر من الخزر. فكتب إلى عثمان يسأله المدد، فكتب إلى معاوية يسأله أن يشخص إليه من أهل الشام والجزيرة قوما ممن يرغب في الجهاد والغنيمة. فبعث إليه معاوية ألفي رجل أسكنهم قاليقلا وأقطعهم (ص 197) بها القطائع وجعلهم مرابطة بها. ولما ورد على عثمان كتاب حبيب كتب إلى سعيد بن العاصي بن سعيد ابن العاصي بن أمية، وهو عامله على الكوفة، يأمره بإمداده بجيش عليه سلمان ابن ربيعة الباهلي وهو سلمان الخيل. وكان خيرا فاضلا غزاء. فسار سلمان الخيل إليه في ستة آلاف رجل من أهل الكوفة، وقد أقبلت الروم ومن معها فنزلوا على الفرات، وقد أبطأ على حبيب المدد، فبيتهم المسلمون فاجتاحوهم وقتلوا عظيمهم.