قالوا: وكانت زبطرة حصنا قديما روميا ففتح مع حصن الحدث القديم، فتحه حبيب بن مسلمة الفهري، وكان قائما إلى أن أخربته الروم في أيام الوليد ابن يزيد، فبنى بناء غير محكم. فأناخت الروم عليه في أيام فتنة مروان بن محمد فهدمته، فبناه المنصور. ثم خرجت إليه فشعثته، فبناه الرشيد على يدي محمد بن إبراهيم وشحنه. فلما كانت خلافة المأمون (ص 191) طرقه الروم فشعثوه وأغاروا على سرح أهله فاستاقوا لهم مواشي، فأمر المأمون بمرمته وتحصينه. وقدم وفد طاغية الروم في سنة عشر ومائتين يسأل الصلح فلم يجبه إليه، وكتب إلى عمال الثغور فساحوا في بلاد الروم فأكثروا فيها القتل ودوخوها وظفروا ظفرا حسنا، إلا أن يقظان بن عبد الاعلى بن أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي أصيب.
ثم خرجت الروم إلى زبطرة في خلافة المعتصم بالله أبى إسحاق بن الرشيد فقتلوا الرجال وسبوا النساء وأخربوها، فأحفظه ذلك وأغضبه فغزاهم حتى بلغ عمورية وقد أخرب قبلها حصونا، فأناخ عليها حتى فتحها، فقتل المقاتلة وسبى النساء والذرية ثم أخربها، وأمر ببناء زبطرة وحصنها وشحنها فرامها الروم بعد ذلك فلم يقدروا عليها.
503 - وحدثني أبو عمرو الباهلي وغيره قالوا: نسب حصن منصور إلى منصور بن جعونة بن الحارث العامري من قيس، وذلك أنه تولى بناءه ومرمته، وكان مقيما به أيام مروان ليرد العدو ومعه جند كثيف من أهل الشام والجزيرة.
وكان منصور هذا على أهل الرها حين امتنعوا في أول الدولة، فحصرهم المنصور وهو عامل أبى العباس على الجزيرة وأرمينية، فلما فتحها هرب منصور ثم أمن فظهر، فلما خلع عبد الله بن علي أبا جعفر المنصور ولاه شرطته، فلما هرب عبد الله