حتى نزل حديثة الموصل، ثم أغزى منها الحسن بن قحطبة وبعده محمد ابن الأشعث، وجعل عليهما العباس بن محمد وأمره أن يغزو بهم كمخ. فمات محمد ابن الأشعث بآمد، وسار العباس والحسن حتى صارا إلى ملطية فحملا منها الميرة ثم أناخا على كمخ، وأمر العباس بنصب المنجنيق عليه، فجعلوا على حصنهم خشب العرعر لئلا تضربه حجارة المنجنيق، ورموا للمسلمين فقتلوا منهم بالحجارة مائتي رجل، فاتخذ المسلمون الدبابات وقاتلوا قتالا (ص 184) شديدا حتى فتحوه، وكان مع العباس بن محمد بن علي في غزاته هذه مطر الوراق. ثم إن الروم أغلقوا كمخ. فلما كانت سنة سبع وسبعين ومئة غزا محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، وهو عامل عبد الملك بن صالح على شمشاط، ففتحه ودخله لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر من هذه السنة. فلم يزل مفتوحا حتى كان هيج محمد بن الرشيد، فهرب أهله وغلبت عليه الروم. ويقال إن عبيد الله بن الأقطع دفعه إليهم وتخلص ابنه، وكان أسيرا عندهم. ثم إن عبد الله بن طاهر فتحه في خلافة المأمون فكان في أيدي المسلمين، حتى لطف قوم من نصارى شمشاط وقاليقلا وبقراط بن أشوط بطريق خلاط، في دفعه إلى الروم والتقرب إليهم بذلك بسبب ضياع لهم في عمل شمشاط.
(٢٢٠)