355 - وحدثني أبو حفص الدمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز قال: لما افتتح أبو عبيدة بن الجراح دمشق استخلف يزيد بن أبي سفيان على دمشق وعمرو بن العاصي على فلسطين وشرحبيل على الأردن. وأتى حمص فصالح أهلها على نحو صلح بعلبك. ثم خلف بحمص عبادة بن الصامت الأنصاري ومضى نحو حماة، فتلقاه أهلها مذعنين، فصالحهم على الجزية في رؤوسهم والخراج في أرضهم. فمضى شيزر فخرجوا يكفرون ومعهم المقلسون، ورضوا بمثل ما رضى به أهل حماة. وبلغت خيله الزراعة والقسطل ومر أبو عبيدة بمعرة حمص، وهي التي تنسب إلى النعمان بن بشير، فخرجوا يقلسون بين يديه. ثم أتى فامية ففعل أهلها مثل ذلك، وأذعنوا بالجزية والخراج واستتم أمر حمص، فكانت حمص وقنسرين شيئا واحدا.
وقد اختلفوا في تسمية الأجناد (ص 131) فقال بعضهم: سمى المسلمون فلسطين جندا لأنه جمع كورا، وكذلك دمشق، وكذلك الأردن، وكذلك حمص مع قنسرين. وقال بعضهم: سميت كل ناحية لها جند يقبضون أطماعهم بها جندا. وذكروا أن الجزيرة كانت إلى قنسرين فجندها عبد الملك بن مروان، أي أفردها، فصار جندها يأخذون أطماعهم بها من خراجها. وأن محمد بن مروان كان سأل عبد الملك تجنيدها ففعل. ولم تزل قنسرين وكورها مضمومة إلى حمص حتى كان يزيد بن معاوية فجعل قنسرين وأنطاكية ومنبج وذواتها جندا.
فلما استخلف أمير المؤمنين الرشيد هارون بن المهدى أفرد قنسرين بكورها فصير ذلك جندا واحدا، وأفرد منبج، ودلوك، ورعبان، وقورس، وأنطاكية وتيزين، وسماها العواصم. لان المسلمين يعتصمون بها فتعصمهم وتمنعهم إذا انصرفوا من غزوهم وخرجوا من الثغر. وجعل مدينة العواصم منبج، فسكنها عبد الملك بن صالح بن علي في سنة ثلاث وسبعين ومئة وبنى بها أبنية.