واستشهد عامر بن أبي وقاص الزهري، وهو الذي كان قدم الشام بكتاب عمر بن الخطاب إلى أبى عبيدة بولايته الشام. ويقال بل مات في الطاعون.
وقال بعض الرواة: استشهد يوم أجنادين. وليس ذلك بثبت.
قال: وعقد أبو عبيدة لحبيب بن مسلمة الفهري على خيل الطلب، فجعل يقتل من أدرك. وانحاز جبلة بن الأيهم إلى الأنصار فقال: أنتم إخوتنا وبنو أبينا. وأظهر الاسلام. فلما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام سنة سبع عشرة لاحى جبلة رجلا من مزينة فلطم عينه، فأمره عمر بالاقتصاص منه فقال: أو عينه مثل عيني؟ والله لا أقيم ببلد على به سلطان. فدخل بلاد الروم مرتدا. وكان جبلة ملك غسان بعد الحارث بن أبي شمر.
وروى أيضا أن جبلة أتى عمر بن الخطاب وهو على نصرانيته. فعرض عمر عليه الاسلام وأداء الصدقة فأبى ذلك وقال: أقيم على ديني وأؤدي الصدقة.
فقال عمر: إن أقمت على دينك فأد الجزية. فأنف منها. فقال عمر: ما عندنا لك إلا واحدة من ثلاث: إما الاسلام، وإما أداء الجزية، وإما الذهاب إلى حيث شئت. فدخل بلاد الروم في ثلاثين ألفا. فلما بلغ ذلك عمر ندم. وعاتبه عبادة بن الصامت فقال: لو قبلت منه الصدقة ثم تألفته لأسلم. وإن عمر رضي الله عنه وجه في سنة إحدى وعشرين عمير بن سعد الأنصاري إلى بلاد الروم في جيش عظيم وولاه الصائفة. وهي أول صائفة كانت، وأمره أن يتلطف لجبلة بن الأيهم ويستعطفه بالقرابة بينهما ويدعوه إلى الرجوع إلى بلاد الاسلام، على أن يؤدى ما كان بذل من الصدقة ويقيم على دينه. فسار عمير حتى دخل بلاد الروم، وعرض على جبلة ما أمره عمر بعرضه عليه، فأبى إلا المقام في بلاد الروم. وانتهى عمير إلى موضع يعرف بالحمار، وهو (ص 136) واد، فأوقع بأهله وأخربه. فقيل: أخرب من جوف حمار.